بسم الله الرحمن الرحيم
حقيقة الموقف التركي المشرف
هاجمت صحف رسمية مصرية الموقف التركي الأخير من احداث اسطول الحرية , واعتبرته موقفا ضعيفا وباردا مقارنة بالموقف المصري الذي نعتته بالشجاع والرافض للإملاءات الأمريكية و"الإسرائيلية
التعليق:
وضعت المواقف التركية المشرفة التي أعلنت عنها في الفترة الأخيرة وبالتحديد منذ وصول حزب العدالة للحكم, تجاه القضية الفلسطينية وبقية قضايا العالم الإسلامي, كثيرا من الدول العربية والإسلامية في موقف حرج؛ لذا تصدى البعض باستمرار للتقليل من شأن الموقف التركي, وخصوصا موقفها الأخير من الجريمة النكراء التي استهدفت أسطول الحرية والتي أدت إلى مقتل تسعة أتراك بالإضافة إلى العشرات من المصابين والمفقودين, الذين أعلنت عنهم بعض المصادر.
ورطة أردوجان:
لقد أصبح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان ورطة كبيرة لبعض الحكام العرب والمسلمين الذين اكتفوا طوال الفترة الماضية بتوجيه عبارات "تنديد" كلما ارتكب الاحتلال الصهيوني جريمة في حق الشعب الفلسطيني, كان آخر من تكلم بشكل فيه اختلاف عن المألوف بالنسبة لهذا الأمر هو وزير الخارجية المصري السابق عمرو موسى واستطاع أن يحصل على شعبية كبيرة رغم أنه بحكم منصبه لم يكن يتمكن من ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال, ثم جاء أردوجان ليتكلم وليفعل وليس كما يظن البعض "أنه ليس لديه سوى الكلام". لقد طالبت الشعوب العربية كثيرا باتخاذ مواقف حازمة تجاه الاحتلال الصهيوني وليس بالضرورة أن تكون هذه المواقف عسكرية ولكن لم يتم الاستجابة لرغباتها وحدثت فجوة واسعة بين مشاعر الشعوب ومطالبها وأفعال الكثير من الأنظمة الرسمية.
أفعال أردوجان:
لقد بدأ أردوجان أفعاله الحقيقية ضد صلف وغرور الكيان الصهيوني عندما ترك مؤتمرا صحفيا في منتدى دافوس عندما وجد استهانة من الرئيس الصهيوني شيمون بيريز بالمذبحة التي ارتكبها جنوده خلال الحرب على غزة, كما أصر على عدم مشاركة "إسرائيل" في المناورات العسكرية التي اعتادت أن تجريها مع القوات التركية, وفي وقت لاحق كان راعيا لتجهيز أكبر أسطول لكسر الحصار عن قطاع غزة وأصر على تسييره رغم التهديدات الصهيونية وعندما قتل من قتل وأصيب من أصيب لم يكترث بل أعلن عن تسيير أسطول جديد, فقد أعلنت مصادر في المنظمة التركية للإغاثة الإنسانية أن رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان سيطلق الأسطول الأكبر والأضخم من تركيا إلى غزة خلال الأسابيع القادمة وسيتمتع بمرافقة السفن الحربية التركية لمنع أية هجمات قاتلة. وأشارت المصادر إلى مواصلة المنظمات التركية استعداداتها لإطلاق الرحلة الجديدة التي ستكون وجهتها ميناء غزة حصريًا، كما تم الإعلان بالكويت عن بدء التسجيل للأسطول القادم. وقال مصدر تركي رفيع: "أسطول كسر الحصار القادم في حال انطلق من تركيا أو تشترك فيه سفن تركية سيحظى بمرافقة السفن الحربية التركية لمنع أية هجمات قاتلة، كما حدث مع أسطول الحرية".
أفعال أخرى:
في كل اعتداء على الفلسطينيين كانت الأصوات ترتفع في العالم العربي من أجل سحب السفراء وقطع العلاقات وقلما حدث ذلك , في حين أن تركيا بعد الهجوم على أسطول الحرية مباشرة قامت باستدعاء سفيرها من "تل أبيب", وأبلغت السفير الصهيوني في أنقرة احتجاجها.. من جانب آخر، أعلن رئيس الوزراء التركي عزمه ملاحقة المسئولين عن الجريمة النكراء قائلاً: "لن ندع الأمر يمر مرور الكرام". كما أعلنت تركيا رفضها إعادة العلاقات إلى ما كانت عليه مع الاحتلال إلا بعد رفع الحصار المفروض من قبل "إسرائيل" على قطاع غزة. بل أكدت صحيفة تركية مقربة من الحكومة، أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوجان يدرس الرد العسكري على "مجزرة الحرية". وقالت: إن أردوجان ناقش خلال اجتماع مصغر لمجلس الأمن القومي باشتراك رئيس الأركان وقادة القوات المسلحة ووزيري العدل والداخلية ورئيس جهاز المخابرات ومدير الأمن العام، التدابير الممكن اتخاذها ضد "إسرائيل" ومنها التدابير العسكرية والتجارية.
استغراب واندهاش:
مما يثير الاستغراب والاندهاش من موقف هؤلاء الذين يزايدون على الموقف التركي أنهم لم يوضحوا بالضبط ماذا يريدون من أردوجان أن يفعل حتى يصبح إيجابيا وليس من فصيلة "المتكلمين العرب"...لقد صدّع هؤلاء رؤوسنا في كل مرة يعتدي الاحتلال على إخواننا الفسطينيين بشأن الحكمة والتريث والرد الهادئ وعدم التهور وأن من يحارب "إسرائيل" يحارب أمريكا أيضا, وأن هناك اعتبارات ومصالح ينبغي مراعاتها تؤثر على الأمن القومي..فلماذا تناسوا كل ذلك عندما وجهوا انتقاداتهم إلى تركيا وموقفها.. هل أردوجان يستطيع الدخول في مواجهة مسلحة مع الاحتلال دون وضع هذه الاعتبارات في حسبانه ودون وضع معارضة الجيش العلماني الذي يناصبه العداء وكان يخطط للانقلاب على حكومته ذات الهوية الإسلامية, في اعتباره كذلك؟!
ماذا فعلنا نحن؟
وفي الأخير يتبادر سؤال علينا أن نوجهه لهؤلاء, وهو هذا ما فعلته تركيا وما فعله أردوجان رغم كل ما يمكن أن يؤخذ عليه من تحفظات ـ حسب قولكم ـ فماذا فعلنا نحن العرب الذين نجاور الشعب الفلسطيني ونراه يذبح صباحا مساءً على حدودنا؟ ما هي الخطوات الإيجابية التي أقدم عليها العرب حتى يقتضي بها أردوجان؟ أوليس العرب المجاورون لفلسطين أولى بأهلها من أردوجان والأتراك؟ وهل لو لم يقم أردوجان بتسيير الأسطول لكسر الحصار ويصر على ذلك رغم التهديدات كان سيصدر قرارا بفتح معبر رفح دون سقف زمني؟ وإذا كان فتح المعبر دون قيود عملا بطوليا فلماذا تأخر حتى الآن والشعب الفلسطيني تحت الحصار منذ سنوات؟ هذه أسئلة لعل من انتقد الموقف التركي يجيب عليها وتقنع إجاباته الشعوب الغاضبة.
نقلا عن موقع مفكرة الإسلام