6. فالمخاطب لتوصل الإسلام إلى الجيل الآخر، إلى الجيل القادم هو هذا الجيل بكل من فيه، وكل على حسب ما أتاه الله من علم وفهم ودراية، فليس نافلة أن ينشأ مركز علمي واجتماعي بهدف صوغ المجتمع على أساس الدين في كل مسجد وفي كل حسينية وفي كل مؤسسة وأن لم تكن مؤسسة من الطراز الحالي ففي كوخ، فالمركز معنا قبل أن يكون مادة، فالمركز فكر، رؤية، تصميم، إرادة، تحمل مسؤولية، فاعلية، هادفية، نشاط وحيوية، قبل أن يكون مبناً يزخر بالزخارف. ليس نافلة أن ينشأ مركز في كل مدينه في كل حيَّ، ونحتاج بالفعل إلى عقل مركَّز في كل بيت، أولا لتعليم هذا الجيل، ولتفهيم هذا الجيل إسلامه، ثم لحمل الإسلام إلى الجيل القادم، هذه مسؤولية لا فكاك لرقابنا منها، ومن لم يكن له علم فله مال، ومن لم يستطع بمال ولا علم يعلَّمه، فإن يستطيع أن يشارك بالحضور درس العلم، أو درس المحاضرة، ويستطيع أن يشارك بتلقي الكلمة.
7. ما من عجوز ولا شيخ طاعن في السن ولا شاب، إلا وهو شريك في تحمل هذه المسؤولية، وغدا نحاسب جميعا لو فرطنا في وظيفة تنضيج الإسلام في الأذهان والنفوس، وتبليغ الإسلام وتوصيلة إلى العقول والقلوب، والإسلام لا يكون تبليغه إلى العقل فحسب، وإنما مع تبليغه للعقل، لابد من تبليغه للقلب؛ من أجل أن يحتضنه، وينفعل به،ويتحول إلى مشاعر حارة تحرك الخطى السديدة على الصراط. الأفكار لا تحرك رجلا ولا يدا ولا تضبط جارحة من الجوارح وتضعها على الطريق ولا تدفع إلى الأمام، ولا توقف رجلا ولا يدا، ما لم تتحول إلى مشاعر جادة، مشاعر فواره داخل النفسـ تحب الخير وتبغض الشر، تقدس الفضيلة وتقبح الرذيلة، تأنس بالخير وتستوحش من الشر.
8. فلتكن الأفكار أفكارا سامية، لكنها إذا لم تتحول إلى مشاعر فلن تصحح الحياة، فعميلة التعليم والتبليغ والتوصيل، لابد أن تأخذ طابع عملية التربية التي تعني تنمية الفكر تنمية النفس على المسار الصحيح. النفس بمشاعرها، بطموحاتها، بمخاوفها، برغائبها، بإرادتها، هذا لا أحد منا يصححه أسلوب آخر من التربية وهو غير أسلوب التعليم، أنه الترويض، فلابد من تعليم يعالج قضايا العقل، ولابد من ترويض يرتفع بمستوى النفس.
9. عملية التعليم، وعملية أنشاء المراكز التعليمية التربوية، وظيفة أساس من وظائف المجتمع المسلم، وهي وظيفة دينية ضرورية، تحملنا أياها المسؤولية التي ألقائها الله سبحانه وتعالى بما أتمننا عليه من أمانة الدين، وهي كما سبق أول الأمانات وأهم الأمانات، بها تنحفظ كل الأمانات و بها تضيع، تنحفظ لو حفظت، تضيع لو ضيعت.
10. مسؤولية أخرى هي مسؤولية التواجد في المجتمع المسلم، أن يتحول الإسلام إلى حياة مجتمع، ولا يكفي أن، بتحول الإسلام القرآني، وإسلام السيرة والسنة، لا يكفي بأن يتحول أفكار فردية، أو إلى مشاعر فردية باردة لم تبلغ حد الفوران الذي يحرك عمليا، ولا يكفي أن يتحول الإسلام القرآني، وإسلام السنة الطاهرة إلى سلوك فردي؛إنما لابد أن يتحول الإسلام إلى حياة اجتماعية، وطريق إلى هذا الهدف هو ما سبق من تعميم الإسلام، والتربية على الإسلام في البعد العقلي، والبعد الفكري، والبعد النفسي، فحيثما تحول الإسلام إلى مشاعر حارة وساخنة، وجدناه إسلاما على الأرض، في مؤسسات اجتماعية واقتصادية وسياسية، ويطبع كل مرافق الحياة ومؤسساتها وجنباتها.
11. من أراد أن يكون مسلما لم يسعه على الإطلاق في حال القدرة أن يخرج من هذه الحياة من غير أن يترك فيها أثرا طيبا، ويزرع للآخرين، ويصلح الوضع الإنساني ويتقدم به، والإسلام أمانة في الأعناق، ورسالة كبرى لا يصح أن تتوارى من على وجه الأرض، وشمس لا يصح أن يصيب جوها غبار، ما دام مسلم يستطيع أن يزيح كل الضباب، وكل الغبار، وكل الموانع من أمام رؤية الإنسان إلى تلك الشمس.
12. حين نزرع حب الإسلام ونأصل للإسلام تربويا؟ أو بالأصح نربط النفس الإنسانية بأصولها الدنية المغروسة فيها من ناحية تربوية؟ أترانا حين نفعل كل ذلك نفعل نافلة؟ ونمارس دورا تطوعيا؟ لا والله. أنه واجب حتمي، كل الأمة تكون معاقبة، وكل الأمة يمكن أن تلقى في جهنم مدحورة مخزية، لو مات الإسلام على يدها في جيل من أجيالها، لكان ذلك الجيل من أهل جهنم، أنه واجب حتمي، كلما هناك أنهم قالوا في التصنيف الفقهي، بأن هذا واجب كفائي، لو قامت به جماعة لسقط الخطاب عن الجميع، أما لو فرط فيه الجميع لاستحق الجميع العقوبة.
13. فمسألة تعليم الأولاد دينهم، وتقويم خلقهم، وربطهم بخط الدين والعلم، مسألة واجبة وحتمية في شريعة الله، وإذا كان تعليم الدين واجب بالمقدار الذي يحفظ الدين في الجيل القادم، ويبصر الجيل القادم ولو بوظائفه الدينية الأولية، وواجباته الدينية الرئيسة، فإن زرع حب الدين هو واجب آخر، والتربية الدينية الصحيحة لا تتقوَّم بإيصال المسائل العقيدية، والمسائل الفقهية، والمسائل الأخلاقية إلى ذهن الجيل الجديد، هناك لابد من مقوَّم آخر، وهو بالغ الضرورة جد جدا، هو أن نزرع حب الله وحب رسله وأوليائه، وحب دينه، بالإضافة إلى أن نزرع الإيمان بضرورة الدين، وبأن مصلحتنا ضياع حين أن ننفصل عن الدين.
والحمد لله رب العالمين
نديم ، الحب ، برنامج ، تحميل ، دليل ، مسلسل ، انشوده ، جديد ، كامل
المنتديات للبيع : للتواصل واتساب
967772204567+