ندَمَا تَتوغَّلُ في حيَاةِ الأُدبَاءِ، وتَدسُّ أَنْفكَ في حيَاةِ الشُّعرَاءِ، تَكتشفُ عَادَاتٍ غَريبةً، ومُمارسَاتٍ عَجيبةً مِن الصَّعبِ تَفسيرُهَا، أو إيجَادُ مُبرِّرٍ لعَملِهَا، وإليكَ بَعض الأمثلَةِ:
فمثلاً، كانَ الكَاتِبُ الفرنسيُّ (استندال) يَقرأُ صفحةَ الدّستورِ الفرنسيِّ قَبلَ الكِتَابةِ، ليُدرِّبَ نَفسَهُ عَلَى كِتَابِةِ مَا هُو موجَزٌ وضَروريٌّ ودَقيقٌ..!
وفي الطَّرفِ الآخَر نَرَى الأديبةَ (فرجينا وولف) كَانتْ تَكتبُ وهِي وَاقفةٌ..!
أكثَرُ مِن ذَلكَ، كَانَ الرِّوائيُّ الكَبيرُ (إرنست همنجواي) يَمسكُ السّكينَ ويَبرَي عَددًا مِن الأقلامِ الرّصَاصِ..!
كَمَا رُوِي عَن الكَاتِبِ الإنجليزيِّ (مارك توين) أنَّهُ كَانَ يَكتبُ وهو مُستلقٍ عَلَى الأرضِ..!
مِن جِهةٍ ثَالثةٍ، يَقولُ العَارفونَ فِي مِصرَ بأنَّ (توفيق الحكيم، والتابعي) كَانَا يَكتبان عَلَى وَرقٍ بحَجمِ كَفِّ اليَدِ..!
كُلُّ هَذَا غَريبٌ وعَجيبٌ، ولَكنَّهُ مَقبولٌ، أمَّا مَا لَيسَ مَقبولاً؛ فَهُو مَا رُوِي عَن الشَّاعرِ الإنجليزيِّ (شيللي) مِن أنَّهُ كَانَ يُمزِّقُ أورَاقَ كُلِّ كِتَابٍ يَقرؤهُ؛ بَعدَ أن يَفرغَ مِن قِرَاءتِهِ، ليَصنعَ مِن الأورَاقِ زَوارقَ صَغيرةً؛ يُطلقُهَا في ميَاهِ البُحيرَاتِ والأنهَارِ؛ ليَتفرَّجَ عَليهَا وهِي تُبحرُ بَعيدًا..!
حَسنًا.. مَاذا بَقِيَ؟!
بَقيَ القَولُ: هَؤلاءُ الأُدبَاءُ وأُولَئِكَ الشُّعراءُ؛ لَهُم الحَقُّ في كُلِّ العَادَاتِ التِي يُمارسُونَهَا، فمِن المَعروفِ أنَّ للكَاتِبِ أجوَاءَهُ وحَماقَاتِهِ وعَادَاتِهِ وطقُوسَهُ، ولَكنَّ الأغرَبَ مِن هَذا كُلّهِ؛ مَا ذَكرَهُ المُؤرِّخونَ مِن أنَّهُ في عَهدِ المَلكةِ فيكتوريا -مَلكةِ إنجلترَا- لَمْ يَكنْ مَسموحًا أنْ تُوضعَ الكُتبُ التي قَامَ بتَأليفِهَا الرِّجَالُ؛ بالقُربِ مِن الكُتبِ التِي ألَّفتهَا النِّساءُ، وكَانَ سَبَبَ المَنعِ هُو: اللِّيَاقَةُ والأخلاقُ الحَميدةُ..!!
رابط المقال الأصلي