هذه الشفاعة العامة التي خص بها نبينا - صلى الله عليه وسلم - من بين سائر الأنبياء هي المراد بقوله: ((وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة)).
وهذه الشفاعة العامة لأهل الموقف إنما هي لتعجيل حسابهم وإراحتهم من هول الموقف.
وقوله : ((يا رب أمتي أمتي)) فيه اهتمام بأمر أمته، وإظهار محبته لهم، وشفقته عليهم.
وقوله : (( فيقال: أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن)) فيه دليل على أن من هذه الأمة من سيدخل الجنة بغير حساب، يتكئون فيها على سرر موضونة والناس ما زالوا في أرض الموقف.
وقد قال فيهم : ((يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب)). قالوا: من هم يا رسول الله؟ قال: ((هم الذين لا يسترقون، ولا يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون)).
وقال : ((وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، مع كل ألف سبعون ألفا، وثلاث حثيات من حثيات ربي - عز وجل- )).
وهكذا تضمن حديث الشفاعة نوعين من أنواع شفاعته :
1- الشفاعة العظمى لأهل الموقف ليريحهم الله من هذا القيام.
2- شفاعته في جماعة من أمته أن يدخلوا الجنة بغير حساب.
3- والنوع الثالث شفاعته : في أقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم، فيشفع لهم فيدخلون الجنة.
4- شفاعته في أقوام قد أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها.
5- شفاعته في رفع درجات من يدخل الجنة فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم.
6- شفاعته أن يؤذن لجميع المؤمنين في دخول الجنة.
7- شفاعته في أهل الكبائر من أمته ممن دخل النار فيخرجون منها.
وقد تواترت الأحاديث بهذا النوع، وأن هذه الشفاعة تتكرر أربع مرات، في كل مرة يحد الله له حدا فيخرجهم من النار، ثم يجئ الرابعة فيقول: ((يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله. فيقول الرب سبحانه: ليست هذه لك، ثم يقول: وعزتي وجلالي، وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله)).
وفي رواية: ((يقول الله - تعالى -: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط. قد عادوا حمما، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له: نهر الحياة. يخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر. ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض؟ فقالوا: يا رسول الله! كأنك كنت ترعى بالبادية. قال: فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم؟ يعرفهم أهل الجنة. هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدّموه. ثم يقول: ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون: ربنا! أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين. فيقول: لكم عندي أفضل من هذا، فيقولون: يا ربنا! أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا)).
8- شفاعته - صلى الله عليه وسلم - في عمه أبي طالب أن يخفف عنه العذاب بما قدّم في الدنيا لدين الله ورسوله.
عن عبد الله بن الحارث قال: سمعت العباس يقول: قلت: يا رسول الله! إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك، فهل نفعه ذلك؟ قال: ((نعم، وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح)).
وقد أخبر – صلى الله عليه وسلم - أن أبا طالب في هذا الضحضاح يغلي منه دماغه، يرى أنه أشد أهل النار عذابا، وهو أهونهم عذابا.
ولا تعارض بين هذه الشفاعة وبين قول الله - تعالى - : {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} المدثر:48. لأن المراد من الآية: لا تنفعهم الشفاعة في الخروج من النار كعصاة المؤمنين الذين يخرجون من النار ويدخلون الجنة، أما شفاعته لعمه فهي فقط أن يخفف عنه العذاب بما قدم في الدنيا للدين.
هذه هي أنواع الشفاعات الكائنة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة.
أما قوله في الحديث: ((فهي نائلة إن شاء الله من أمتي من مات لا يشرك بالله شيئا)).
فقوله: ((إن شاء الله)) إنما قاله على جهة التبرك والامتثال لقوله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} الكهف:23-24 .
وقوله: ((فهي نائلة إن شاء الله من أمتي من مات لا يشرك بالله شيئا)) فيه دلالة لمذهب أهل الحق أن كل من مات غير مشرك لا يخلّد في النار وإن كان مصراً على الكبائر.
وفيه إشارة لوسيلة من الوسائل التي تدرك بها الشفاعة ، وهي: أن لا يشرك بالله شيئا، فمن أراد أن تناله هذه الشفاعة فليلق الله لا يشرك به شيئا، فإن من مات يشرك بالله شيئا لا تنفعهم شفاعة الشافعين.
وهناك وسائل أخرى منها:
1- الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم - عشرا في الصباح وعشرا في المساء، لقوله : ((من صلى عليّ عشرا إذا أصبح وعشرا إذا أمسى حلت له شفاعتي)).
2- سؤال الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - الوسيلة بعد الأذان، لقوله : ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشفاعة)).
وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: ((من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمدا الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة)).
نسأله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشفع فينا نبيه .
نديم ، الحب ، برنامج ، تحميل ، دليل ، مسلسل ، انشوده ، جديد ، كامل
المنتديات للبيع : للتواصل واتساب
967772204567+