الباب الأول: (القيامة الصغرى).
الفصل الأول: (الاحتضار).
المبحث الثالث: (حضور الشيطان عند الموت).
الدرس (الأول):
إذا حضر الموت كان الشيطان حريصاً على الإنسان حتى لا يفلت منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَىْءٍ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ لْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى فِى أَىِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ).(1)
وقد ذكر علماؤنا أن الشيطان يأتي الإنسان في تلك اللحظات الحرجة في صورة أبيه أو أمه أو غيرهم ممن هو شفيق عليه ناصح له، ويدعوه إلى إتباع اليهودية أو النصرانية أو غيرها من المبادئ المعارضة للإسلام، فهناك يزيغ الله من كتبت له الشقاوة.(2)
وقيل أن هذا هو معنى قوله تعالى:
(رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ).(3)
وقد حدث عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل قال:
(حضرت وفاة أبي أحمد، وبيدي خرقة لأشد لحييه، فكان يغرق، قم يفيق، ويقول بيده: لا بعد، لا بعد، فعل هذا مراراً، فقلت له: يا أبتِ أي شيء يبدو منك؟، قال: إن الشيطان قائم بحذائي عاض على أنامله، يقول: يا أحمد فتني، وأنا أقول: لا بعد، حتى أموت).(4)
___________________________
(1) رواهـ مسلم.
(2) انظر: (التذكرة) ص (33).
(3) سورة آل عمران آية (
.
(4) الحجة في بيان المحجة (1/499).
الباب الأول: (القيامة الصغرى).
الفصل الأول: (الاحتضار).
المبحث الثالث: (حضور الشيطان عند الموت).
الدرس (الثاني):
ذكرنا أن بعض العلماء استدلوا بحديث – جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – على حضور الشيطان عند المحتضر، لإغوائه وافتتانه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَىْءٍ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ لْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى فِى أَىِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ).(1)
كما استدلوا أيضاً بما رواهـ - أبو هريرة - رضي الله عنه قال:
"اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ".(2)
قال ابن دقيق العيد المتوفي سنة: (702هـ):
(فتنة المحيا ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت، وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت، أضيفت إليه لقربها منه، ويكون المراد بفتنة المحيا على هذا ما قبل ذلك، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر)(3).
وغداً إن شاء الله تعالى أنقل لكم قولاً لشيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – وقول آخر لـ(ابن حجر) – رحمه الله تعالى.
___________________________
(1) رواهـ مسلم.
(2) رواه البخاري ومسلم.
(3) انظر: فتح الباري لـ ابن حجر (2/319).