أأنق رئيس .. أفقر بلد (عارف أبوحاتم)
الصحوة نت - خاص
arefabuhatem@hotmail.com
بعد 33سنة من الحكم الفردي يجد الرئيس صالح نفسه محاطاً بكثير من الأزمات والخصوم، يشعر أن انجازات الأمس تتآكل اليوم، بل أن الخيوط التي يجيد اللعب بها تحولت إلى حبال تلتف حول عنقه بوحشية.
فالرجل الذي أدمن إدارة البلاد بالأزمات والتفريخ وشق الأحزاب، والجماعات المتآلفة، يجد نفسه اليوم يمسك بحلول تقليدية تجاوزتها الأزمات إلى ما هو أكبر، بل أنه كلما قدم حلاً أو مبادرةً؛ وجد رسالة البريد الصوتي تجيبه: عفواً رصيدك لا يسمح!!
وكمن أدرك كنه السر؛ يتحدث صالح عن نفسه: في أول أيام الرئاسة طلبت من أحد تجار تعز أن يقرضني 20مليون ريال، وافق، وأخذتها ووظفتها للأمن والاستقرار.
والأمن والاستقرار الذي يتحدث عنه هو توزيع الأموال على مشائخ وشخصيات كبيرة للقبول به رئيساً، ووسطاءه في عملية التوزيع رجاله الأوفياء: أحمد سالم العواضي، وأحمد العماد، وعلي الشاطر، ...وغيرهم، وذلك الحل نجح في تثبيت حكمه، فكرر الرجل التجربة أثناء حكمه للشمال وهو مجتمع قبلي تقليدي، خاصة في المحافظات الشمالية المرتفعة، حيث يمكن إرضاء الشيخ بالمال والمنصب والسيارة والاعتمادات الرئاسية، لترضى عنك كل القبيلة، ولم يفكر الرئيس أن شيخ القبيلة ليس هو البنية التحتية للبلاد، وليس هو المستشفي والمدرسة والطريق والكهرباء والمياه والجامعة والمكتبة، ليس هو الأمن والاستقرار والتنمية والاستثمار والموارد، إن لم يكن هو الطارد للاستثمار والممتص للموارد، لم يفكر الرئيس أن الناس ستبحث يوماً عن مقومات بقاءه، عن ضمانات حقيقية لأبناءها، فالخدمات العامة في الريف من عوامل بقاء الناس هناك، والمدرسة والتعليم هو الطريق الآمن لمستقبلهم الموعود، أما شيخ القبيلة وامتيازاته فلا يعني لهم أكثر من سيارة للمرافقين، وصورة مع الرئيس بصدر الديوان.
لا ننكر انجازات الرئيس: مدرسة من فصلين هنا، وشبه طريق معبد هناك، ومركز صحي للناس والبعوض في هذه المديرية، وأعمدة كهرباء ملقاة على جانب الطريق في تلك القرية، أما المدن فهي الأفضل حالاً إذ توجد المدرسة والمستشفى المعفن، والجامعة والطريق، والأمن المدعم بالرصاص الحي، والماء الملوث، والكهرباء المطعمة بالشموع، وصاحب المؤهل يحصل على الوظيفة قبل طلوع الروح بخمس دقائق.
لا يمكن لأحد أن ينكر انجازات تحققت لليمن في عهد علي عبدالله صالح، لكنها قليلة جداً مقارنة بحجم موارد البلاد من النفط والمعادن والسياحة والجمارك والضرائب والمنح والقروض والمساعدات، وقليلة جداً مقارنة بما نهبه الفاسدون الذين يمتلكون أرقى الفلل في مصر وتركيا، والفنادق والمستشفيات في ألمانيا، ومزارع الزيتون في المغرب وأسبانيا، وأكبر حصص الأسهم في الشركات الأمريكية، وأضخم الأرصدة في البنوك السويسرية، وأهم العقارات في بريطانيا وفرنسا، وأكبر المزارع في مقاطعات كندا، وأضخم شركات الملاحة في الشرق الأوسط، وكبار ملاك شركات النفط والمقاولات، حتى أصبح اسم اليمن البلد الفقير يتردد في مجلة "فوربس" الاقتصادية الأمريكية الشهيرة.
حتى في مجالات الأناقة والموضة تجد اسم اليمن، فمجلة إماراتية صنفت الرئيس صالح بأنه أأنق رئيس عربي لخمس سنوات متتالية، لكن لا قيمة لأناقة رئيس نصف جدران عاصمته مكتوب عليها: ممنوع البول هنا !!
مرت 33سنة ولدينا أفقر بلد وأأنق رئيس، ونريد الآن أأنق بلد وأفقر رئيس.
تأخذني الدهشة حين أجد فهد الحارثي رئيس تحرير مجلة "الرجل" اللندنية يسأل الرئيس صالح عام 1999م: يلاحظ عليك أنك تبالغ في أناقتك.
لفت نظره أناقة رئيس أفقر بلد، وهو الصحفي الذي تعود مقابلة كبار الملوك والزعماء ورجال والأعمال.
نعم. هنيئاً لشعبٍ أنت قاتله !!