أ.د محمد زكي محمد خضر
ندوة التكنولوجيا والتنمية
منظمة الموارد العلمية والتكنولوجية
أوكسفورد – بريطانيا
تشرين الثاني 1994
لتنزيل البحث
عاش العالم العربي فترة طويلة من التخلف.
وبعد أن تعرض لموجات الإحتكاك مع الحضارة الغربية خلال القرن الحالي ، أدرك
العرب بعض جوانب التخلف العلمي والتكنولوجي الذي يعانون منه ، ولكن ليس
بشكل كامل . فقد خيل للبعض أن تقليد الغرب في ملبسهم وأساليب معيشتهم
ووسائل لهوهم وعاداتهم الإستهلاكية كفيلة بأن تغير الحال إلى المستوى
العلمي والتقني الذي يتمتع به الغرب . ولكن الإيام أثبتت أنه حتى تقليد
إنشاء المراكز العلمية والجامعات لا تكفي لإنتشال العالم العربي من التخلف
الذي يعيشه.
حاول عدد من المفكرين العرب تحديد أسباب
التخلف ومن ثم تحديد أساليب وإتجاهات العلاج، ولكن للأسف فإن النظرة أحادية
الجانب كانت هي الطاغية مهملين الجوانب الأخرى. فمنهم من إعتبر أن الجانب
العقائدي هو الأساس ، ومنهم من إعتبر الجانب السياسي هو الأساس ، ومنهم من
إعتبر العلم والتكنولوجيا هو الأساس، ومنهم من إعتبر الجانب الأخلاقي هو
الأساس ، ومنهم من نظر إلى الحرية الشخصية وأعتبرها الأساس. ورغم أن إعتماد
بعض هذه الجوانب ليس بالضرورة مناقض للأسس الأخرى ، إلا أن التركيز على
بعضها دون البعض الآخر يشكل تبسيطا مخلا في التوازن المطلوب للخروج من حلقة
التخلف الذي يعاني منه العالم العربي.
لقد كان لعصور التخلف تأثيرا على غياب
العقلية العلمية في معالجة أمور الحياة كافة، فقد طغى عنصر الجمود والتقليد
على كل جانب آخر وقتلت روح التجديد والإبتكار. لذلك فإنه لا مناص من أن
يعالج ذلك وفق أسس علمية للخروج من الحلقة المقفلة التي يجد الكثيرين
أنفسهم فيها حينما يجدوا أنفسهم مرة أخرى في أوضاع مشابهة لما كانوا عليه
قبل أعوام عديدة.
إن النظرة إلى العلم هي أحد المفاتيح التي
يجد العرب أنفسهم تجاهها وعلى مفترق طرق في السنوات الأخيرة من القرن
العشرين. فهل يستمروا في معالجة الأمور بطرق عاطفية غير علمية أم يتخذوا
موقفا ملتزما تجاه العلم.
2- واقع العلم والتكنولوجيا في العالم العربي
لاشك بأنه قد تم في العقود الأخيرة إنشاء كثير من المؤسسات العلمية في
العالم العربي ، فقد تم التوسع في التعليم بكافة مراحله وتم إنشاء الجامعات
والمعاهد المهنية وبدأت بعض الجامعات العربية بالتوسع في الدراسات العليا
والبحث العلمي . كما أنشأت في بعض البلدان العربية مراكز متخصصة للأبحاث في
حقول معينة.
أما الجانب الصناعي فقد أنشأت كثير من
الصناعات الخفيفة والتحويلية بخبرات أجنبية غالبا ومحلية أحيانا . كما
باشرت بعض المنشآت الصناعية العربية بتكوين مراكز صغيرة للبحث والتطوير
ولكن بصورة عامة لا تزال مثل هذه المراكز في طور النشوء.
ولغرض إعطاء صورة عن ملامح واقع العلم
والتكنولوجيا في العالم العربي ، ندرج أدناه بعضا من الملاحظات المؤثرة في
هذا الواقع والتي لها علاقة مع ما نحن بصدده في إعطاءمؤشرات لما يمكن عمله
في إتجاه تنمية العلم والتكنولوجيا في العالم العربي
2-1 تتفاوت نسبة الأمية في البلدان العربية
بين بلد وآخر . وبالرغم من أن هناك جهودا حثيثة لنشر التعليم خاصة في
القرى والأرياف ، إلا أن هناك حاجة لإدامة زخم التوسع في التعليم والقضاء
على نقاط الضعف والتراجع الذي بدأ يظهر. فالإستمرار في هذه المشاريع يحتاج
إصرارا وتوفيرا للمتطلبات المتعددة . كما أن نشر التعليم في كافة مراحله
يجب أن يولى أقصى إهتمام وبشكل خاص تعليم الإناث وتوسيع التعليم في القرى
والأرياف. وما لم يتم ذلك فإن تقدم المجتمع كله سوف يتأثر.
2-2 الأمر الهام الآخر يتعلق بنوعية
التعليم. فالتوسع الكمي الذي حدث في قطاع التعليم كان لحد ما على حساب
النوعية. والحق أن رفع المستوى النوعي للتعليم يتطلب عناية فائقة في إعداد
المعلمين ومراقبة تطور معلوماتهم بشكل مستمر . كما أن إدخال وسائل التعليم
الحديثة البعيدة عن التلقين والتقليد أمر في غاية الأهمية.إن التعليم في
السابق قد أدى إلى أمية من نوع آخر فالعرب اليوم لا يقرأون رغم معرفتهم
القراءة والكتابة (يدل على ذلك إحصائيات عدد المطبوعات في العالم العربي
وفي إستهلاك الورق للفرد بالسنة) والأدهى من ذلك هو هل يفقهون ما
يقرأون؟فما لم يتم رفع المستوى التعليمي لأنصاف المتعلمين فستبقى أمورا
مهمة تدار بطرق ساذجة .
2-3 التوسع في التعليم المهني يجب أن يتم
بالتوازي مع التعليم الأكاديمي . ورغم أنه قد بدأت إتجاهات لهذا النمو
بالظهور في معظم البلدان العربية ، إلا أن هذا الإتجاه لا يزال في بدايته
خاصة وأن إستيعاب الخريجين من هذا الحقل لا يزال غير مخطط له بكفاءة . ومن
الضروري أن يتم إختيار فروع وتخصصات ومناهج التعليم المهني وفق حاجة
المجتمعات المحلية وليس وفق ما هو جاري في الغرب.
2-4 رغم التوسع الكبير الذي شهده العالم
العربي في التعليم الجامعي ، إلا أن التخطيط لهذا التوسع كان ضعيف الصلة
بالحاجات الفعلية ، فهناك تخصصات تشكو من قلة الخريجين وأخرى لا يجد
خريجوها أعمالا بعد تخرهم . كما أن المناهج في معظم الجامعات العربية هي
محاكاة للمناهج في الجامعات الغربية. أما أساليب التدريس فهي أقرب إلى
التلقين منها إلى إستثارة التفكير والإبتكار. فالجامعات العربية في معظمها
ما هي إلا مدارس ثانوية عالية.
2-5 البحث العلمي في الجامعات يكاد يكون كم
من الأبحاث الفردية التي هي إستمرار لأبحاث الدراسات العليا التي قام بها
أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية أثناء دراستهم في الخارج ،
والغالبية العظمى منها لا علاقة له بحاجة البلد ولا يجد تطبيقا له في
البلدان العربية. وهو وسيلة لنشر الأبحاث اللازمة للترقيات العلمية ليس إلا
. ورغم أن هناك بعض الأبحاث المتفرقة هنا وهناك التي نجمت عن تعاون ما بين
المؤسسات الصناعية والجامعات ، إلا أن ذلك لم يصل إلى حجم يمكن أن يعتبر
نهجا واضحا ، إلا ما ندر. وذلك بسبب ضعف الإتصال بين الجامعات والمؤسسات
الصناعية بشكل عام ويعود إلى أسباب تنظيمية وموضوعية تتحمل الصناعة جزءا
منها وتتحمل الجامعات جزءا منها ويتحمل أعضاء هيئة التدريس جزءا آخر أيضا.
2-6 المؤسسات الصناعية سواء كانت من القطاع
الخاص أو العام ، معظم مصانعها أنشأت بطريقة تسليم المفتاح، والبعض الذي
ساهمت في إنشائه الكوادر الوطنية كان دورها ثانويا في غالب الأحيان. وعلى
هذا فإن قابلية الكوادر الفنية التي تتولى تشغيل هذه المصانع محدود في مجال
التطوير. وفي المواقع المحدودة التي ينشأ فيها وحدات للبحث والتطوير تكون
قدرات هذه الوحدات محدودة من حيث الكوادر والإمكانات ، ولا يعول عليها في
التحولات الجذرية وتطور المنشأة الصناعية المعنية.
2-7 أنشأت في بعض البلدان العربية مؤسسات
مستقلة عن الجامعات للبحث العلمي ، ولكن أهداف هذه المؤسسات محدودة بحدود
تخصصاتها . ورغم قيام بعضها بأبحاث ذات علاقة بمواضيع تخص البلد نفسه ، إلا
أن تأثيرها واستغلال نتائج أبحاثها لا يزال محدودا. وفي ضوء هذا التقدم
البطيئ وعدم لمس النتائج بسرعة كثيرا ما تفتر عزيمة المسؤولين في الإستمرار
بالدعم وقد يؤدي ذلك أحيانا إلى غلق مثل هذه المؤسسات.
2-8 وسائل واساليب نقل التكنولوجيا في
البلدان العربية تعاني من عوائق تخلف شديد. فليس هناك خطط لإستثمار براءات
الإختراع وحتى حينما يكون هناك تشريعات حول حقوق الملكية الفكرية فإنها غير
مفعلة أو مستغلة ويستوي في ذلك القطاع العام والخاص.
2-9 لقد كانت عملية إرسال البعثات إلى
الغرب منفذا معقولا للحصول على الكفاءات التي تفتقر إليها البلدان العربية،
إلا أن نسبة كبيرة من المبعوثين يفضلون البقاء في الغرب على العودة إلى
بلادهم لأسباب عديدة ، وإذا ماعادوا فإنهم يندمجون مع النظم منخفضة الكفاءة
في أوطانهم بحيث توكل لهم مهام إدارية بعيدة عن تخصصاتهم أو أن يتركوا
البحث العلمي مركزين على التدريس مما يؤدي غالبا إلى خيبة أمل تقلص من
إندفاع المبعوث وبالتالي عدم الإستفادة من مؤهلاته وكفاءته إلا بمقدار ضئيل
2-10 إن أساليب التعليم والعادات
الإجتماعية والنظم في العالم العربي كلها مثبطة للإبتكار والتجديد ، والشخص
الموهوب وذي القبليات المتميزة في غالب الإحيان يجد أن قابلياته لم تفده
شيئا بل ربما كانت وبالا عليه ، ومن ثم تفتر عزائمه ويصبح شخصا عاديا وقد
يفكر في الهجرة والإستقرار في الغرب.
2-11 إن التنمية في البلدان العربية تلاقي
صعوبات بالغة في المستويات التخطيطية والتنفيذية ، فالكثير منها تعتمد على
خبرات الجهات الأجنبية ،ورغم أن ذلك يعتبر في بعض الأحيان حلقة جيدة ، إلا
أنه في كثير من الأحيان يؤدي إلى المزيد من الإرتباط بعجلة المصالح
الأجنبية على حساب المصلحة الوطنية.وبشكل عام فإن خطط التنمية غير مترابطة
فبعضها يهدم ما يبنيه الآخر.
2-12 التخطيط للموارد البشرية في العالم
العربي سيئ بشكل عام سواء في مجال الخدمات أو الصناعة أو الزراعة والتدريب
كثيرا ما يكون لمن لا حاجة لتدريبه وبعد ذلك وضع من تدرب في موضع لا فائدة
لما تدرب عليه فيه . إن العالم العربي يعاني من عدم تراكم الخبرات ، فكل من
يأتي يبدأ من الصفر دون الإستفادة ممن سبقوه بل ويسفه ما قاموا به
ويهدمه.(2،4،6)
3- أين الحل
كثيرا ما يقارن بعض الكتاب والمفكرين بين
التقدم الذي حدث في اليابان خلال قرن من الزمان وحال الدول العربية .
ويتساءلوا ما هو السبب الذي مكن اليابان من إحداث الطفرة في وضعها بينما
فشلت الدول العربية منفردة ومجتمعة في أن تصل إلى جزء بسيط مما وصلته
اليابان؟
قد تطول الإجابة على هذا السؤال وتتشعب ، ولكن يمكن إجمال ذلك بأسطر قليلة (1).
إن على العرب أن يتخذوا موقفا جادا من
العلم . والمقصود بالموقف الجاد هو معالجة كل الأمور بطريقة علمية سواء كان
ذلك في حقل الإدارة وأساليب الحكم أو التعليم أو البحث العلمي أو الصناعة
وغيرها. ويعني ذلك توفير الأموال لذلك ويعني ذلك إحترام العلماء والمعلمين
وتوفير العيش الكريم لهم ويعني ذلك إستشارة ذوي الخبرة ويعني ذلك وضع الشخص
المناسب في المكان المناسب ويعني ذلك تغيير الرأي العام لعامة الناس تجاه
العلم ويعني ذلك إجراء الأبحاث العلمية لتطوير القدرات والقابليات
والعلاقات الإجتماعية والأساليب الإدارية بعيدا عن تقليد ماهو جاري في
الغرب ، بل الإستفادة من آخر المستجدات في الحقول كافة لما يناسب الظروف
المحلية.وفي ضوء عقيدة الأمة وتراثها وتأريخها.
أما بغير ذلك فإن التقدم سيكون محدودا بل
وأحيانا يدور الوضع في حلقة مفرغة يجد الناس أنفسهم بعد فترة طويلة يراوحون
في محلهم والعالم من حوله قد تطور تطورا كبيرا.
إن عملية تنمية العلم والتكنولوجيا في
العالم العربي بحاجة إلى إبتكار وإلى عقلية إبتكارية (3،5). أما العقلية
المقلدة التي تستورد المواد الإستهلاكية وتستعملها فقط فلا أمل في أن تنقل
الحال الحاضر إلى ما هو أفضل.
إن إستمرار الإعتماد على الغرب في التخطيط
البشري والصناعي والعلمي يبقى العرب في الحلقة المتأخرة من الركب البشري
ولكن الإستفادة من الخبرات العربية بعضها من البعض وتوظيف نتائج وخبرات
الآخرين مباشرة دون الحاجة في الوقوع في الأخطاء نفسها أمر بديهي ومطلوب
ولكن ذلك يلاقي العقبات المتعددة عربيا وعالميا وذلك لكي تبقى
الهيمنةالسياسية والإقتصادية الغربية دون أن يفلت منها أحد.
إن التنمية في العالم العربي اليوم غير
متوازنة. ومالم يتم تعديل هذه التنمية لكي تشمل الجوانب كافة بشكل متوازن
فإن الخلل سيبقى بل وربما سيستفحل اكثر وأكثر. فالعالم من حولنا يتقدم بسرع
وخطى متسارعة والهوة تزداد ومالم يتدارك الأمر جذريا فإن المستقبل لن يكون
محاطا بالورود.
4- ماذا يمكن للمغتربين أن يقدموا
لا شك أن إطلاع المغتربين على إتجاهات
التقدم العلمي والتكنولوجي أسرع وأوسع من نظرائهم العلماء العرب الذين
يعيشون في البلدان العربية. إلا أنهم في الوقت نفسه أقل إحساسا بواقع
المشاكل التفصيلية التي يعاني منها العالم العربي . وهذا البعد يزداد كلما
طالت فترة الإغتراب. لذلك فإن إستمرار تواصل المغتربين مع واحد أو أكثر من
الأقطار العربية هو أمر في غاية الأهمية . كما أن تقديم الخبرات
والإستشارات للمؤسسات العربية أو الأجنبية العاملة في العالم العربي هو أحد
وسائل هذا التواصل. فإلقاء المحاضرات المكثفة أو الحلقات الدراسية محدودة
الفترة في حقول تخصص المغترب في الجامعات العربية أو مراكز البحث العلمي هو
أحد الوسائل الفعالة التي يجب أن تشجع وتصاغ لها الميكانيكية العملية
للإستمرار بشكل دوري. فالجامعات العربية معظمها فيها تخصصات للدراسات
العليا ، لذلك فإن الإتفاق مع هذه الجامعات بشكل أو بآخر لمساعدتها في
تطوير هذه التخصصات مع تزويدها بالعلماء الزائرين بين فترة وأخرى أمر مفيد .
فمثل هذه الفترة تعتبر للزائر فترة مفيدة لتلمس المشاكل التي يعاني منها
العلماء العاملون في العالم العربي وكذلك بطبيعة المسائل العلمية التي تفيد
من خلال الإتصال كذلك مع الصناعة . فالجامعات العربية يمكن أن تزود طلبتها
بالمعلومات الحديثة وكذلك هيئاتها التدريسية كما أن المؤسسات الصناعية
يمكن أن تحصل على مشورات متخصصة قد لا تجدها بين العاملين في البلد نفسه.
وفي الوقت نفسه تعطي المغترب الفرصة للإتصال المباشر مع الجهات المستفيدة ،
ويمكن أن يكون هو حلقة وصل مع جهات أجنبية متخصصة لحل المشكلة التي تعاني
منها مؤسسة ما، ويمكن أن تطور المناقشات والزيارات في تكوين مشاريع أبحاث
مشتركة أو مشاريع تطويرية يمكن أن يساهم بها المغترب أو الجامعة التي يعمل
فيها أو المؤسسات أو الشركات في الدول الصناعية التي يكون المغترب على
إتصال معها.
إن المغتربين لديهم الخصوصية في إطلاعهم
على أحدث المستجدات في العلم والتكنولوجيا. لذلك فإن قيامهم بمبادرات شخصية
أو جماعية لتوجيه نظر الجامعات ومراكز الأبحاث العربية أمر في غاية
الأهمية . إن إقامة الندوات والحلقات العلمية في الجامعات ومراكز البحث
العلمي والمؤسسات الصناعية العربية يمكن أن يكون واسطة لتقديم المغتربين
خلاصة خبراتهم لمصلحة وطنهم. ويمكن لمثل هذه الندوات أن تعاد في أكثر من
موقع وأن تطور نتيجة الخبرات في موقع ما لكي تنقل إلى موقع آخر ، كما يمكن
أن تصور على فيديوتيب أو أن تحول إلى شكل مطبوع أو مسموع وتنشر . لم لا
يكون بإمكان المغترب أن يقضي إسبوعين أو أربع أسابيع موزعة على فترة أو
فترتين في العام يفيد منها في بلد عربي ويزداد هو خبرة. إن ما نحتاجه هو
المؤسسات التي من خلالها يتم ذلك بحيث يتم ذلك بيسر ودون جهود ضائعة
وتكاليف كبيرة.
إن البلدان العربية والنامية عموما أشد
إرتباطا اليوم مع العالم الغربي من إرتباطها فيما بينها ، فالمناهج والنظم
تقلد الأقطار الصناعية على عمق الهوة بينها بينما الإستفادة من خبرات بعضها
البعض في علاج تخلفها يكاد يكون معدوما لضعف الإتصال الأفقي فيما بينها.
إن المغتربين يمكن أن يكونوا حلقة الوصل بين هذه البلدان ونقل خبرات بعضها
للبعض الآخر.فالدراسات النقدية ومراجعة الخطط الدراسية يمكن أن يكسب
المغترب خبرات متعددة بإمكانه أن ينقلها إلى بلد آخر.
إن تفرغ المغترب للتدريس لفصل دراسي أو سنة
مثلا أمر مفيد في إكسابه خبرة أوسع عن واقع الجامعات ومشاكل البحث العلمي
والمشاكل التي تعاني منها الصناعة العربية ، لذلك فإن مثل هذا التفرغ أمر
محبذ . وفي الوقت نفسه يمكن أن يكسبه إحساسا بمواضيع للدراسات العليا يمكن
أن يشرف عليها للطلبة العرب عند دخولهم الجامعات التي يعمل فيها ذات صلة
بخطط التنمية في بلدانهم.
إن المواضيع أعلاه لا يمكن أن يقوم بها فرد
لوحده مهما كان متحمسا ، لذلك فإن العمل على مأسسة هذه المبادرات أمر في
غاية الأهمية بحيث تصبح العملية أقل إرهاقا وأكثر تنظيما وأقل كلفة وأكثر
فائدة.
إن هناك جوانب بسيطة وميسورة يمكن أن يساعد
فيها المغتربون . كمثال على ذلك مجال الحصول على الأبحاث والدوريات
العلمية، فالباحثون العرب يعانون من صعوبة حصولهم على الدويات في حقول
تخصصاتهم. ألا يمكن أن ترسل الدوريات القديمة التي يشترك بها المغتربون بعد
مطالعتها إلى نظرائهم العرب؟ ألا يمكن أن يقوم بعض المغتربين بالتبرع لدفع
إشتراك دوريات زملائهم في العالم العربي؟ ألا يمكن أن يقوم المغتربون
بالتوسط لدى بعض الجهات العلمية لتوفير بعض الدوريات مجانا أو بأجور زهيدة
لبعض الجامعات العربية أو مراكز الأبحاث التي لا تتحمل ميزانياتها مثل تلك
التكاليف؟ ويقال الأمر نفسه عن الإشتراك في بنوك المعلومات والمكتبات
العلمية وغيرها.
هذه أمثلة عما يمكن أن يساعد فيه المغتربون
وبإمكاناتهم المحدودة . فكيف إذا ما نظمت العملية وتم توفير المستلزمات
المالية والتنظيمية والمعلوماتية لها. في غالب الظن أن هناك حقولا كثيرة
لمثل هذه النشاطات وما تحتاجه هو العزم والتوكل على الله.
إن من أولى الوسائل التي ينبغي البدء بها
هو حصر كفاءات المغتربين العرب مجموعة ومبوبة ومجال إستعدادهم للمساعدة ،
ومن ثم إيصال تلك المعلومات إلى من يمكن أن يستفيد منها في العالم العربي
مع إيياد الميكانيكية العملية والمؤسسية اللازمة لها.
5- المصادر
(1) محمد عبدالسلام : التنمية والتقدم العلمي في العالم الثالث 1989
(2) مركز دراسات الوحدة العربية : تهيئة الإنسان العربي للعطاء العلمي 1985
(3) روحي الشريف: البحث والتطوير والإبتكار
في الميزان :الندوة الثالثة للبحث والتطوير والإبتكار العلمي في الوطن
العربي في مواجهة التحدي التكنولوجي 24-26/9/1994 عمان
(4) مصطفى عبد المنعم شعبان :حجم الإنفاق
والقوى البشرية العاملة في البحث والتطوير في الوطن العربي لمواجهة التحدي
التكنولوجي:ندوة المصدر السابق نفسه
(5)محمد زكي محمد خضر : إعداد الباحث العلمي بين الإبتكار والتقليد :ندوة المصدر السابق نفسه
(6) محمد أيوب العزي: البحث العلمي في خدمة الصناعة: ندوة المصدر السابق نفسه.
نديم ، الحب ، برنامج ، تحميل ، دليل ، مسلسل ، انشوده ، جديد ، كامل
المنتديات للبيع : للتواصل واتساب
967772204567+