أ.د محمد زكي محمد خضر
المؤتمر العالمي الرابع
نحو فهم عصري للقرآن الكريم
استانبول – تركيا
1998
لتنزيل البحث
يقول الإمام النورسي (المكتوبات 247/2) ”
بيَّن السابقون من أهل الحقيقة ما في كلمات القرآن من الوجوه العديدة
والعلاقات والأواصر والإرتباطات التي تربطها مع سائر جمله وآياته ولا سيما
علماء علم حروف القرآن ، فقد أوغلوا كثيرا في هذا الموضوع وأثبتوا بدلائل :
أن في كل حرف من القرآن الكريم أسرارا دقيقة تسع صحيفة كاملة من البيان
والتوضيح”
لقد قام عدد من الباحثين
المحدثين بمحاولة الغوص في العلاقات الرقمية والرياضية المتعلقة بحروف
القرآن وقد أصاب بعضهم في الوصول إلى بعض العلاقات الواضحة والدقيقة في هذا
الصدد. وقد حاول آخرون البحث عن علاقات معقدة بعد حسابات لا تخلو من
التمحل . ولذلك سنحاول في هذا البحث تبيان الأسس التي ينبغي مراعاتها في
إستنباط الإعجاز العددي في القرآن والتي قد يمتد بعضها عند إستنباط الإعجاز
العلمي في القرآن بصورة عامة. وفيما يأتي أهم هذه الأمور :
مراعاة اللغة العربية ومفرداتها
وأساليبها وما يفهمه العربي من القرآن الكريم والحروف العربية وخاصة إذا ما
كان البحث في نطاق اللفظ فيجب أن يأخذ بنظر الإعتبار قواعد اللفظ والقراءة
والترتيل.
عندما يكون الإستنباط معتمدا على
رسم الحروف العربية في الكلمات القرآنية ينبغي مراعاة الرسم القرآني
المتوارث عن المصاحف التي كتبت في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه .
وإذا ما إستنبط الباحث ظاهرة ما
فيجب أن يكون إستنباطه موافقا للطرق الإحصائية العلمية الحديثة دون تمحل أو
تدليس . وعندما يتم إكتشاف ظاهرة ما فيجب فحصها علميا والتأكد من أنها
مقبولة إحصائيا ورياضيا.
كما يجب التأكد من الإعتماد على
المتواتر فقط من القراءات القرآنية وخاصة فيما يتعلق بأعداد الآيات
والكلمات ويجب أن تكون الظاهرة مستندة إلى ما اتفق عليه وليس على أمور
خلافية قد يشكك فيها من لا يرى صحة ذلك وإذا كان الأمر متعلقا بأعداد دقيقة
فيجب أن لا ينطبق ذلك في قراءة دون أخرى .
إن دراسة الإعجاز الرقمي في
القرآن يجب أن تميز بين الظاهرة والإعجاز. فالظاهرة هي خاصية يستنبطها
الباحث عند دراسته للقرآن ولكنها يمكن أن يوجد ما يماثلها في غيره من الكتب
التي يؤلفها البشر. أما الإعجاز فهو يتعلق بالظواهر القرآنية التي لا يمكن
أن يقوم بها البشر في أثناء تأليفه للكتب .
1- مقدمة:
عرف العلماء منذ القرن
الثاني للهجرة النبوية الشريفة تآليف عديدة في الإعجاز البياني للقرآن
الكريم. بل كاد أن يكون مفهوم إعجاز القرآن هو الإعجاز اللغوي فحسب.
فالتحدي الذي ورد في القرآن بالإتيان بعشر سور من مثله أو بسورة مثله كان
على مر القرون مفهومه من حيث اللغة والبيان والمعنى ليس إلا. وقد تعرض
موضوع الإعجاز اللغوي لدراسات معمقة وأدلى العلماء بدلائهم في تبيان أوجه
الإعجاز في كل سورة وآية بل لفظة من ألفاظ القرآن حتى عدَّ بعضهم أكثر من
عشرين لونا من ألوان البلاغة في آية واحدة مثل قوله تعالى في سورة هود ”
وقيل ياأرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على
الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين” فتحدثوا عن بلاغته وفصاحته وبيانه وبديعه
وتأليفه وأسلوبه ومطالعه ومقاطعه وفصله ووصله وترغيبه وترهيبه وأمره ونهيه
وتسلسل التشريع فيه وأحكامه بل كل لفظة جاء بها وما أحاطت به من معان
ومقاصد. وسيظل الناس يزيدون ذلك تمحيصا وبيانا كالبحر دون أن يصلوا إلى
غوره.
وقد تضمن القرآن أخبارا
لما سلف من حوادث خلت وحقائق سابقة كما تضمن إخبارا بوقائع تقع بعد نزوله
وقد وقع فعلا منها ما بينه العلماء في مواضعه. فهذا النوع من الإعجاز يقع
في أي زمن يشاء الله تبيانه للناس يفهمه من يفهمه وينكره من ينكره. ومثال
ذلك مطلع سورة الروم ” الم . غلبت الروم . في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم
سيغلبون . في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون .
بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ” حيث نزلت هذه الآيات من سورة
الروم والرسول صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة بعدة أعوام ولم يتحقق
نصر الروم إلا في السنة الثانية للهجرة وجاء الخبر بذلك يوم انتصار
المسلمين في معركة بدر وفرح المؤمنون يومئذ بنصر الله.
أما الإعجاز العلمي فلم
يكشف عنه النقاب سوى في العصر الحديث وقد تحدث فيه الكثير من المؤلفين
المحدثين وأصاب كثير منهم في تفسير بعض آيات من القرآن الكريم وأخطأ بعض في
تأويلات أخرى. وقد شملت الدراسات التي تمت في علوم التشريح والأحياء
والنبات والصخور والجبال والفضاء والمياه وغيرها وقد أدلى الكثيرون بدلائهم
في مجالات تخصصاتهم ما يلفت الأنظار ويبهر العقول . إذ كيف يمكن لرجل أمي
قبل ألف وأربعمائة عام أن يتحدث عن أمور علمية دقيقة لم يكشفها العلم
الحديث سوى في السنوات الأخيرة . وقد هدى الله بهذا البيان علماء متخصصين
في علوم شتى للإسلام بعد أن تبين لهم الحق من خلال هذا النوع من الإعجاز.
ولغرض تحديد مقومات الإعجاز العلمي في القرآن فقد أوجز بعض العلماء(1) شروط
البحث في الإعجاز العلمي في القرآن بما يأتي: موافقة اللغة موافقة تامة
بحيث يطابق المعنى المفسر المعنى اللغوي وعدم مخالفة صحيح المأثور عن
الرسول عليه وآله الصلاة والسلام أو ما له حكم المرفوع و موافقة سياق
الآيات بحيث لا يكون التفسير نافرا عن السياق. كما يجب التحذير من أن
يتعرض التفسير العلمي لأخبار وشؤون المعجزات (إنكارها) و أن لا يكون
التفسير حسب نظرية وهمية متداعية بل لا بد أن يكون حسب الحقائق العلمية
الثابتة. وهناك بعض العلماء من يفضل إستعمال مصطلح التفسير العلمي أو دلائل
النبوة بدل الكلام عن الإعجاز العلمي في القرآن (2)
أما في مجال العد
والأرقام والإحصاء فقد قام المسلمون منذ عصر الحجاج بن يوسف الثقفي بإحصاء
حروف القرآن وكلماته وسوره وأماكن الوقف فيه وأماكن الوصل وسجداته وأعشاره
وأحزابه وغير ذلك مما أمكنهم واسترعى أنظارهم . وكان هدفهم من ذلك تثبيت
الواقع خوفا من زيادة أو نقصان أوخطأ أو سهو من النساخ والكتبة وكان ذلك
مما هيأه الله من وسائل لحفظ كتابه .ويشكك السخاوي (المتوفي سنة 643 هجرية)
في فائدة ذلك بقوله : “لا أعلم لعد الكلمات والحروف من فائدة ، لأن ذلك إن
أفاد فإنما يفيد في كتاب يمكن فيه الزيادة والنقصان والقرآن لا يمكن فيه
ذلك” . (3)
وعلى الرغم من ذلك فلم
يغلق الأولون أبواب التحري والبحث فيه فيقول الطوسي في كتاب اللمع صفحة
106 : ” إن تحت كل حرف من كتاب الله كثيرا من الفهم على مقدار ما قسم لهم
من ذلك ” واستدل على ذلك بمثل قوله تعالى ” وإن من شيئ إلا عندنا خزائنه
وما ننزله إلا بقدر معلوم” الحجر/21 (4)
ويقول الفخر الرازي :”من
تأمل في لطائف نظم السور وبديع ترتيبها علم أن القرآن الكريم كما أنه معجز
بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه فهو أيضا بسبب ترتيب ونظم آياته “(5)
يقول الإمام النورسي (6) ”
بيَّن السابقون من أهل الحقيقة ما في كلمات القرآن من الوجوه العديدة
والعلاقات والأواصر والإرتباطات التي تربطها مع سائر جمله وآياته ولا سيما
علماء علم حروف القرآن ، فقد أوغلوا كثيرا في هذا الموضوع وأثبتوا بدلائل :
أن في كل حرف من القرآن الكريم أسرارا دقيقة تسع صحيفة كاملة من البيان
والتوضيح”
فالآية الكريمة من سورة
الكهف :”قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات
ربي ولو جئنا بمثله مددا” (الكهف 109) ، تبين رمزا مدى أهمية الحروف
القرآنية ومدى قيمتها ومزاياها وكونها نابضة بالحياة فتقول بمعناها الإشاري
أن القرآن الكريم الذي هو كلام الله حي يتدفق بالحيوية رفيع سام الى حد لا
ينفد عدد الأسماع التي تنصت اليه ولا عدد الكلمات المقدسة التي تدخل تلك
الأسماع ، لا تنفد تلك الأعداد حتى لو كانت البحار مدادا والملائكة كتابا
لها (7)
2- تكرار الكلمات في القرآن الكريم:
عني كثير من العلماء الذي
اهتموا في علوم القرآن بأسرار الكلمات والعبارات المكررة في القرآن الكريم
وعنوا ببيان معنى ومغزى كل لفظة أو جملة تكرر ورودها في القرآن (8و3)
وأول من لفت النظر الى
جانب من الحكم في تعداد بعض ألفاظ القرآن الكريم في العصر الحديث هو الإمام
النورسي رحمه الله تعالى(9) . فقد أورد جملة من الألفاظ القرآنية وتعداد
مرات تكرارها في القرآن الكريم . وفيما يأتي جانب من ذلك:
1- الإشارة الى ورود لفظ
“الرسول” الوارد في القرآن الكريم في 160 آية وكانت سورتا “محمد” و “الفتح”
هما اكثر السور القرآنية ذات العلاقة ولذا حصر نظره في السلاسل الظاهرة في
تلكما السورتين
2- لفظ “القرآن” ورد في
69 آية وقد وردت في 7 سلاسل وظلت كلمتان منها خارج السلاسل وكانت تلكما
الكلمتان بمعنى القراءة مما شد -بخروجهما- من قوة النكتة
3- ورد
لفظ الجلالة “الله” 2806 مرات في القرآن الكريم وورد لفظ “الرحمن” -مع ما
في البسملة- 159 مرة وورد لفظ “الرحيم” 120 مرة ولفظ “الغفور” 61 مرة ولفظ
“الرب” 846 مرة ولفظ “الحكيم” 86 مرة ولفظ “العليم” 126 مرة ولفظ “القدير”
31 مرة ولفظ “هو” في “لا إله إلا هو” 26 مرة (بعض الأرقام ليس دقيقا)
4- إن وجود علاقة بين عدد
آيات القرآن الكريم مع ستة أرقام من عدد الأسماء الحسنى يشير إلى سرّ مهم
فإن عدد ألفاظ “الله والرحمن والرحيم والغفور والحكيم ” هو نصف عدد آيات
القرآن الكريم والفرق أربعة أعداد
5- لفظ الجلالة “الله ”
مع لفظ “الرب” الوارد بمعنى “الله” نصف عدد آيات القرآن أيضا إذ أن لفظ
“الرب” المذكور 846 منها خمسمائة وبضع قد ذكرت بدلا عن لفظ الجلالة “الله”
ومائتين وبضع منه ليس بمعنى “الله”
6- مع لفظ “القدير” عوضا عن لفظ “هو” هو نصف عدد مجموع الآيات أيضا ، والفرق تسعة أعداد
7- عدد لفظ الجلالة
“الله” في سورة البقرة مساو لعدد آياتها ، والفرق 4 أعداد وهناك 4 ألفاظ
بدلا عن لفظ “الله” كما هو في “لا إله إلا هو” وبها يتم التوافق
8- عدد لفظ الجلالة
“الله” في سورة آل عمران متوافق مع عدد آياتها ويساويها ولكن لفظ “الله”
ورد فيها 209 مرات بينما عدد آيات السورة 200 آية فالفرق إذن 9 آيات ولا تخل الفروق الصغيرة في مثل هذه المزايا الكلامية والنكات البلاغية ، إذ تكفي التوافقات التقريبية
9- عدد آيات السور الثلاث
“النساء والمائدة والأنعام” 464 يتوافق مع مجموع عدد ما في السور الخمس
التالية من لفظ الجلالة “الله” 461 وهما متوافقان تماما إذا عد لفظ الجلالة
في البسملة
10 – عدد لفظ الجلالة في السور الخمس الأولى هو ضعف عدد لفظ الجلالة في سور “الأعراف والأنفال والتوبة ويونس وهود”
11 – عدد لفظ الجلالة في السور الخمس التي تليها “يوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل ” هو نصف النصف
12- عدده في سور “الإسراء والكهف ومريم وطه والأنبياء والحج” هو نصف نصف النصف
13-السور التالية بعدها بخمس سور وخمس سور تدوم بتلك النسبة تقريبا ولا بأس بمثل هذه الفروق في مثل هذا المقام الخطابي
مثلا ان قسما منها 121 وآخر 125 وآخر 154 وآخر 159
14- في السور الخمس التالية التي تبدأ من سورة “الزخرف” ينزل الى نصف نصف ذلك النصف
15- السور التي تبدأ من سورة “النجم” يكون العدد نصف نصف نصف نصف ذلك النصف ولكن بصورة مقاربة ولا ضرر في فروق الكسور الصغيرة في مثل هذه المقامات الخطابية
16- في ثلاث مجموعات من السور الخمس الصغيرة ثلاث أعداد من لفظ الجلالة
17- للفظ الجلالة “الله”
في صفحات المصحف الشريف نكتة فإن أعداده في الصحيفة الواحدة له علاقة بوجه
تلك الصحيفة اليمنى وبالصحيفة المقابلة لذلك الوجه وأحيانا بالصحيفة المقابلة لها في الجانب الأيسر وبوجه ما وراءها ، وقد تتبعت ذلك في مصحفي فرأيت توافقا عدديا بنسبة عددية جميلة للغاية على الغالب … فكثيرا ما كانت تتساوى وأحيانا تصبح نصفا او ثلثا وعلى كل حال تشعر بحكمة وانتظام
18- إذا ما نظمت الفاظ
الجلالة “الله” في القرآن والبالغة 2806 باستثناء نادر جدا فستشاهد
التوافقات وستشعر في ذلك نور اعجاز عظيم لأن فكر الإنسان لا يمكن أن يحيط
بهذه الصفحات الواسعة جدا ولا يستطيع أن يتدخل فيها قطعا. أما المصادفة فلا
تنال يدها هذه الأوضاع الحكيمة
19- نستكتب مجددا مصحفا
شريفا ليبرز التوافقات في الصحيفة الواحدة ..وعند ذلك سيظهر سر انتظام
التوافقات الحقيقي إن شاء الله وقد أظهر فعلا.
إن من يتمعن في هذه الملاحظات يجد أن الإمام النورسي رحمه الله تعالى يحاول أن يصل إلى الإعجاز من خلال ثلاث خطوات هي :
ملاحظة عددية ——> ملاحظة جمالية لبيان القرآن —–> إعجاز
فهو يقرر أن الملاحظة
العددية حتى ولو لم تكن دقيقة تماما ( كما يتضح من العبارات التي وضع تحتها
خطوط في النصوص أعلاه ) فإنها تخدم صدق النظر في جمال نظم القرآن الكريم
وهو أمر حسي بلاغي وليس مجرد أرقام صماء تتساوى أو تختلف . ولذلك فهو
يتجاوز الفروق الصغيرة لإنها لا تشكل خللا في ما أسماه بالمزايا الكلامية
والنكات البلاغية والتي هي أمور حسية يدركها المتأمل في التوافق العام
لألفاظ القرآن الكريم كما يتضح ذلك من الأمثلة المنتقاة والمعروضة أعلاه
وهنا نود أن نؤكد على
أهمية هذه الملاحظة بشكل خاص وذلك بمقارنتها ببعض من ولج في حقل الإعجاز
العددي للقرآن الكريم في السنوات الأخيرة كما سنبينه فيما بعد
ثم تلا ذلك عدد من
المؤلفين بالإشارة الى تعداد كلمات أخرى في القرآن الكريم وتبيان التوافقات
في أعدادها . فقد قام عبد الرزاق نوفل في كتاب (الله والعلم الحديث ) الذي
صدر في عام 1376 هـ وفي كتاب (الإسلام دين ودنيا ) الذي صدر عام 1959وفي
(كتاب عالم الجن والملائكة ) عام 1968 وفي كتاب الإعجاز العددي للقرآن
الكريم في عامي 1975-1976 وفي كتاب معجزة الأرقام والترقيم في القرآن
الكريم الذي صدر عام 1403هـ/ 1983م بتعداد عدد من ألفاظ القرآن الكريم
مبينا التوافقات فيها . ومن ذلك (10و11) :
لفظة الدنيا قد تكرر 115
مرة في القرآن وهو نفس العدد الذي تكرر به لفظة الآخرة وذلك بالرغم من أنه
ليست كل الآيات التي وردت فيها الدنيا وردت فيها الآخرة فهل هذا التساوي
على سبل المصادفة ؟.
لفظة الملائكة بلغ عددها
68 وهو نفس العدد الذي تكرر فيه لفظة الشيطان . وألفاظ الملائكة (ملك ،
ملكا ، ملكين، ملائكة) يساوي لفظة الشيطان (الشياطين، شيطانا، شياطينهم) .
ولفظة الحياة ومشتقاتها بلغ 145 مرة ويساوي عدد الفاظ الموت ومشتقاته .
ولفظة الصالحات ومشتقاتها 167 مرة ويساوي لفظة السيئات ومشتقاتها . ولفظة
المحبة بلغ 83 مرة ويساوي لفظة الطاعة ولفظة الهدى بلغ 79مرة ويساوي لفظة
الرحمة ولفظة الشدة بلغ 102مرة ويساوي لفظة الصبر ولفظة السلام بلغ 50 مرة
ويساوي لفظة الطيبات ولفظة العقل ومشتقاته يبلغ 49مرة ويساوي لفظة النور
ولفظة المصيبة بلغ 75مرة ويساوي لفظة الشكر ولفظة الجهر16 مرة ويساوي لفظة
العلانية ولفظة إبليس بلغ 11 مرة ويساوي لفظة الإستعاذة بالله ولفظة الرغبة
بلغ 8 مرات ويساوي لفظة الرهبة ولفظة الرحمن بلغ 57 مرة ويساوي نصف عدد
لفظة الرحيم البالغ 114 مرة ( لاحظ الإختلاف في الأعداد عما ورد أعلاه
والسبب في احتساب البسملة أو صيغ الرحيم ورحيما) ولفظة الجزاء يبلغ 117 مرة
ويساوي نصف عدد ألفاظ المغفرة الذي بلغ 234 مرة ولفظة الفجار ورد 3
مرات ويساوي نصف عدد ألفاظ الأبرار الذي ورد 6 مرات ولفظة العسر 12 يبلغ
ثلث عدد ألفاظ اليسر الذي يبلغ 36 مرة ولفظة الشهر بلغ 12 مرة ( وكأنه
يقول إن السنة 12 شهرا) ولفظة اليوم بلغ عددها 365 مرة (وكأنه يقول إن
السنة 365 يوما)
ويلاحظ
أن هذه الأعداد قد حسبت أحيانا اللفظة مجردة فقط وأحيانا مع ملحقاتها
وأحيانا وقعت أخطاء في احتسابها. لذلك ينبغي الإشارة إلى أن هذا النوع من
العد يجب أن يكون تقريبيا للوصول إلى الجمال بشكل عام . لأن كلمات أخرى قد
ترد ذات علاقات وثيقة لكن الحسابات العددية لا تأتي متفقة تماما.
وقد أورد كاتب آخر (12)
إحصاءات أخرى فمثلا وردت كلمة البر 12 مرة وبضمنها كلمة يبسا ( بمعنى
البر ) بينما بلغ تكرار كلمة البحر 32 مرة (وفي ذلك أشار الى أن هذا
التكرار هو بنسبة البر إلى البحر على سطح الأرض الذي هو بنسبة 12 / 32 )
ووردت لفظة جهنم 77 مرة
يقابلها لفظة جنات ومشتقاتها وردت 77 مرة ولفظة رجل مفردة وردت 24 مرة
وكذلك إمرأة مفردة وردت 24 مرة ولفظة أخ وردت 4 مرات وكذلك لفظة أخت
وردت 4 مرات ولفظة الحياة ومشتقاتها وردت 145 مرة وكذلك الموت ومشتقاته
ورد 145 ولفظة افسد وردت 50 مرة وكذلك لفظة ينفع وردت 50 مرة ولفظة الرغبة
وردت 8 مرات وكذلك الرهبة وردت 8 مرات والإيمان وردت 17 مرة وكذلك الكفر
وردت 17 مرة والطيب وردت 7 مرات وكذلك الخبيث وردت 7 مرات والرشد وردت 3
مرات وكذلك الغي وردت 3 مرات ولفظة شك وردت 15 مرة وكذلك لفظة ظن وردت 15
مرة ولفظة جهرة وردت 16 مرة وكذلك علانية ومشتقاتها وردت 16 مرة ولفظة هلك
ومشتقاتها وردت 66 مرة وكذلك نجاة الإنسان ومشتقاتها 66 مرة . النور
وردت 24 مرة وكذلك الظلمة وردت 24 مرة . لفظة ثقلت وردت 17 مرة وكذلك خفت
وردت 17 مرة وألفاظ قبل ، قبلك وردت 149 وكذلك بعد ، بعدك وردت 149 مرة
ولفظة قالوا وردت 332 وكذلك قل وردت 332 ( نؤكد مرة أخرى إلى وقوع خلل في
بعض هذه الأرقام).
هناك نوع آخر من ظواهر
تكرار وتوافق وتوازن عدد الكلمات في القرآن الكريم (12)وهي توافق أعداد
الكلمات المكونة لعبارة أو آية مع آية أخرى أو عبارة أخرى وتقف العبارتان
أو الآيتان على كفتي ميزان في تماثلهما بالإشارة إلى الموضوع نفسه أو إلى
عكسه تماما. إن كلمات القرآن الكريم تصنف وتصور بشكل مطابق تماما للواقع
الذي توجد فيه هذه المسائل لذلك فالمسألة المكونة من ركنين تتوازن تماما
بالنسبة لركني المسألة . أما المسألة المكونة من ركنين بحيث يتميز أحدهما
عن الآخر فإن كلمات القرآن الكريم تصورهما بشكل متوازن من جهة ومتفوق من
جهة أخرى. فمثلا قوله تعالى:
لا يستأذنك الذين يؤمنون
بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين
(التوبة 44 ) وهي 14 كلمة يقابلها قوله تعالى في الموضوع نفسه:
إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون (التوبة 45) وهي 14 كلمة كذلك.
وفي قوله تعالى : “وإذا
قيل لهم إتبعوا ما أنزل الله” 7 كلمات يقابله الجواب على ذلك وهو قوله
تعالى في الآية نفسها “قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا” وهو 7 كلمات
أيضا
وفي قوله تعالى “قال سآوي
إلى جبل يعصمني من الماء ” 7 كلمات وتتمتها قوله تعالى ” قال لا عاصم
اليوم من أمر الله” وهي 7 كلمات أيضا.
وهكذا يورد عشرات الأمثلة
على ذلك لجزأين من آية أو آيتين كل منهما تحوي العدد نفسه من الكلمات
وتشكلان عنصرين متوازيين من سؤال وإجابة أو من كفتي ميزان لأمرين متناظرين .
وينطبق الأمر نفسه في
تعداد الحروف كذلك في أمثلة أخرى مثال ذلك قوله تعالى “ذلك الكتاب” تحوي 8
حروف يقابله 8 حروف كذلك في قوله تعالى ” لا ريب فيه ” وبالحقيقة أن عدد
الحروف ذو علاقة خفية مع الوزن البلاغي والصوتي للالفاظ . لذلك فإن هذا
النوع من الحساب والإحصاء إنما هو تأكيد في أحد جوانبه للإعجاز اللفظي
والبلاغي للقرآن الكريم.
ويشبه ذلك التوازن بين
قوله تعالى “من يطع الرسول” وقوله “فقد أطاع الله ” فكلاهما مكون من 11 حرف
والصلة بالمعنى والتعاقب في الورود ظاهر. وكذلك قوله تعالى “لا تدركه
الأبصار” وتتمتها ” وهو يدرك الأبصار” 13 حرفا وفي قوله “إنما المؤمنون
إخوة ” وتتمتها ” فأصلحوا بين أخويكم ” وكلاهما 16 حرفا. وهكذا يمكن إيراد
العشرات من العبارات المتوازنة في أعداد حروفها . ونرى الكاتب هنا يتجاوز
أحيانا في الإختلافات البسيطة مثال على ذلك .
“ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ” ( 28 حرفا ) بينما “ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين” ( 29حرفا )
فالثماني وعشرين حرفا
مقابل التسع والعشرين لا تمثل خللا في الجمال والتوازن والتناظر الذي هو
موضوع الإعجاز الجمالي والبياني رغم عدم تطابق الحساب العددي تماما . وهو
بهذا يسلك سلوك الإمام النورسي نفسه في الأخذ بخطوات الوصول إلى الإعجاز من
خلال خطوات الملاحظة العددية فالجمال البياني فالإعجاز.
ويشير الإمام النورسي في
ذكره لفهرس الحروف القرآنية الذي يقول بأنه قد كتب بشكل تقريبي ليكون
مرجعا مؤقتا… ثم إن أسرار التوافقات تأخذ بنظر الإعتبار المجاميع الكلية ،
فالفهرس التقريبي كاف لنا والتوافقات المذكورة في النكات الثلاث لدعاء “كنز
العرش” (دعاء يبدأ بالتوسل بالبسملة وبدايات السور القرآنية سورة سورة ثم
بكل حرف من حروف القرآن مع ذكر أعدادها في القرآن الكريم) لا تتغير بتغير
الكسور ولا تفسد تلك التوافقات حتى بتغير المجاميع الكبيرة مثلا سورة الكهف
ومعها 39 سورة تتفق في عدد الألف فإذا ما فقدت احدى السور أو اثنتان منها
ذلك العدد الألف فلا يفسد ذلك التوافق وهكذا رغم أن الكسور لها أسرارها
فإنها لم تفتح أمامنا بعد فتحا جليا ونسأل الله أن يفتحها لنا وعندها يأخذ
الفهرس صورته التحقيقية. ( لم أطلع على الفهرس المذكور) (13)
يعتمد كاتب آخر (14) على
حساب عدد كلمات وعدد الحروف المكونة لآية معينة حاذفا منها المكرر ويبين
التوافق في ذلك بين آيات متفرقة . مثال ذلك في قوله تعالى :
” أن لكم فيه لما تخيرون
” فهي مكونة من 5 كلمات وورد فيها 12 حرفا مختلفا ( هي : أ ، ت ، خ ، ف ،
ك، ل ، م ، ن ، ه ، و ، ي ) و مجموع حروفها 17 حرفا
“إذهب إلى فرعون إنه طغى ” مكونة من 5 كلمات وورد فيها 12 حرفا أيضا ومجموع حروفها 18 حرفا
“فيهما من كل فاكهة زوجان ” مكونة من 5 كلمات وورد فيها 12 حرفا أيضا ومجموع حروفها 19 حرفا
وهكذا إلى آيات تحوي 5 كلمات و ورد فيها 12 حرفا ومجموع حروفها 29 حرفا في مثل قوله تعالى ” ألربك البنات ولهم البنون ”
ثم ينتقل إلى المجموعة
المكونة من 13 حرفا بحذف التكرار ثم 14 ثم 15 ..وهكذا ، ويجد الشواهد لكل
مجموعة متدرجة في آيات من المصحف الكريم . ويورد جدولا بترتيب عدد حروف كل
كلمة ضمن الآية. وقد يكون هذا النوع من الظواهر جماليا أيضا وربما لا يثبت
أمام الطرق الإحصائية .
3-ظواهر عددية في القرآن الكريم
في القرآن الكريم ذكر
لأعداد كثيرة . وقد إهتم بعض الباحثين بالبحث عن ظواهر تتعلق بأرقام معينة
لاحظوا ورودها بشكل ملفت للأنظار ومن هذه الأرقام 3 ، 4 ، 6 ، 7 ، 13 ، 19
وغيرها.
شغف بعض المؤلفين(15)
بالبحث عن خصائص بعض الأعداد في القرآن الكريم وألِّفت في ذلك كتب عديدة .
على سبيل المثال ما يتعلق بالرقم 3 ، 7 ، 19 .
ففيما يخص الرقم 3 نحد
كتاب:(معجزة القرآن العشرين في كشف سباعية وثلاثية أوامر القرآن الكريم
(15) يذكر منها أوامر العبادة في القرآن الكريم بلفظ اعبدوا ودعوة الأنبياء
( شعيب ونوح وصالح وعيسى ) أقوامهم إلى عبادة الله بصيغة الأمر فقد وردت
دعوة الأنبياء الأربعة لأقوامهم ثلاث مرات لكل منهم . أما إبراهيم عليه
السلام فقد ورد الخطاب على لسانه مرة واحدة وعيسى وموسى معا ثلاث مرات أخرى
لكل منهم كما ورد خطاب الضالين من قريش ثلاث مرات
وورد خطاب الله لرسوله
محمدا صلى الله عليه وسلم ( اعبد ) ثلاث مرات : في قوله تعالى “واعبد ربك
حتى يأتيك اليقين” (الحجر 99 ) وقوله تعالى “فاعبد الله مخلصا له الدين “
(الزمر 2 ) وقوله تعالى ” فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا ” ( مريم
65 ).
وهكذا يمضي في تعداد ثلاثيات أخرىفي القرآن الكريم أو في مجال السباعيات فيذكر عددا منها فمثلا :
النبأ
مثل : ” نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ” و ” ونبئهم عن ضيف إبراهيم ” و ”
ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر ” و ” وقال يا آدم أنبئهم
بأسمائهم ” و ” أنبؤوني بأسماء هؤلاء ” و ” أم ما اشتملت عليه أرحام
الأنثيين نبؤني بعلم إن كنتم صادقين ” و ” نبئنا بتأويله إنا نراك من
المحسنين ”
وهكذا يمضي بتعداد
السباعيات مثل الأمر بالسجود للخالق جل وعلا وسباعيات أمر الهبوط وسباعية
أمر أقيموا الصلاة وآتو الزكاة بعد النداء وسباعية الأمر بالأستغفار الموجه
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وهذه الملاحظات كلها تتجه نحو تلمس
الجمال البياني في القرآن الكريم كخطوة بيانية للوصول إلى الإعجاز على
النسق الذي بدأه الإمام النورسي رحمه الله.
وفبما بتعلق بالرقم 19
يشار إلى أن الآية من سورة المدثر ” عليها تسعة عشر ” حاول بعض الكتاب
المحدثين الإشارة إلى أن المقصود بها أن إعجاز الرقم 19 هو تحد للكفار .
وقد رد عليهم آخرون منكرين ذلك التأويل وأن المقصود بالرقم 19 هو عدد
الملائكة المكلفين بنار جهنم كما هو قول جمهور المفسرين على مر القرون .
ولم يكتف هؤلاء بذلك بل ردوا على ذلك بالإتهامات والتجريح بل والتخوين
والتكفير متخذين من ذريعة تقديس البهائيين لهذا الرقم أساسا لذلك.
ومهما يكن فقد لاحظ بعض
الباحثين (16) جملة ملاحظات عددية تتعلق بالعدد 19 فإن البسملة مكونة من
19 حرف ,ويمضي من يتحمس للعدد 19 بالإتيان ببعض الظواهر القرآنية حوله
فمثلا أن عدد آيات سورة الفاتحة بدون البسملة هو 6 وإذا ضرب هذا العدد في
الرقم 19 كان الناتج هو 114 وهو عدد سور القرآن وأن عدد آيات سورة
الناس هو 6 فلو ضرب كذلك في 19 لكان الناتج 114 . أي أن أول القرآن وآخره
يحدد عدد سوره (ولا يخفى مافي ذلك من تكلف).
ويشير بعضهم إلى أن أول
ما نزل من القرآن قوله تعالى ” إقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من
علق . إقرأ وربك الأكرم . الذي علم بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ” وهذه
الآيات الخمس مكونة من 19 كلمة . وإن آخر ما نزل من القرآن هو قوله تعالى
” اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ”
(3 المائدة ) وعدد حروف العبارة ” ورضيت لكم الإسلام دينا ” يبلغ 19 حرفا
وفي ذلك تكلف ظاهر أيضا .وقوله تعالى ” إياك نعبد وإياك نستعين ” يبلغ عدد
حروفها 19 حرفا وكذلك قوله تعالى ” إهدنا الصراط المستقيم ” يبلغ 19 حرفا
أيضا وكذلك قوله تعالى ” الدين عند الله الإسلام ” يبلغ 19 حرفا وهي
الآية 19 من سورة آل عمران.
ويمضي بعضهم (11) في تعداد ما ورد من عبارات في القرآن الكريم تحوي 19 حرفا أو تتكرر 19 مرة مثل أسماء الله الحسنى :
السميع تكرر 19 مرة والحكيم تكرر 38 مرة ويساوي 19× 2 و الرحمن 57 مرة ويساوي 19 × 3 و الرحيم تكرر 114 مرة ويساوي 19 × 6 .
كما حاول مؤلف آخر (20)
تبيان مظاهر الإعجاز في العدد 13 والعدد 19 فإن مجموع آيات أول سورة من
القرآن ( الفاتحة ) وآخر سورة من القرآن ( الناس ) 7 + 6 يساوي 13
كما أن أول القرآن نزولا
” إقرأ باسم ……. علم الإنسان ما لم يعلم ” وآخر ما أنزل “واتقوا يوما
ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون “ (البقرة 281 )
عدد حروف الأولى 76 وعدد حروف الأخيرة 54 وبذلك يكون 76 + 54 يساوي 130
وهو 13 × 10 ( لاحظ الإختلاف في تحديد آخر ما نزل من القرآن عما ذكر
مسبقا في موضع آخر)
ويقرن بعضهم الرقمين 13
و19 معا ، أول سورة في ترتيب المصحف المبتدئة بالحروف المقطعة هي البقرة
آياتها 286 ويساوي 13 × 22 وآخرها هي القلم عدد آياتها 52 ويساوي 13 × 4
كما أن الآية 13 من سورة الممتحنة ( آخر آية من السورة) عدد كلماتها 19
كلمة كما أن أول آية قرآنية في المصحف والتي تتكون من 19 كلمة هي ” وإذا
قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم
السفهاء ولكن لا يعلمون ” وهي الآية 13 من البقرة ،وهكذا يمضي في تعداد
ظواهر العددين 13 و 19 على هذه الشاكلة مستعينا بأعداد الآيات في السور
وأرقام الآيات .
4-الحروف المقطعة في بدايات السور:
إختلف أهل التأويل في
الحروف المقطعة التي في أوائل بعض سور القرآن وذهب بعضهم إلى أنها سر الله
في القرآن ولا يجب أن يتكلم فيها . وقال جمع كبير من العلماء بل يجب أن
يتكلم فيه ونتلمس الفوائد التي تحتها (17). وهناك من قال إنها تدل على
معرفة المدد المستقبلية ، كما ورد في حديث ضعيف أن يهودا مروا برسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو يتلوا سورة البقرة :” الم . ذلك الكتاب لا ريب فيه ”
فقال حيي بن أخطب الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى
وسبعون سنة. أفتدخلون في دين نبي مدة ملكه وأجله إحدى وسبعون سنة ، ولما
علموا بباقي أحرف المقطعات قالوا تشابه الأمر علينا (18).
ولو صح الحديث أعلاه فإن
سكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن الإنكار على طريقة حسابهم بهذه الطريقة
يدل على جوازه . إلا أنه روي عن إبن عباس الزجر عن عدّ أبي جاد (المعروف
بحساب الجمل: أبجد هوز ..) وقد ألمح الحافظ إبن كثير (18) والحافظ إبن حجر
(19) إلى أنه لو صح الحساب لكان الأخذ بكل ما ورد من حروف مقطعة مجتمعة هو
الأولى.
وقد إهتم بعض العلماء (
الذي أسماهم الإمام النورسي علماء الحروف) على مر القرون بالبحث في معاني
الحروف المقطعة وذهبوا مذاهب شتى في ذلك وقد سمى الإمام النورسي الحروف
المقطعة بأنها حروف الشفرات الإلهية (7) كما أن الحافظ إبن حجر قال عنها ”
فإنه ما من حرف منها إلا وله سر يخصه ” (19). وقد ذهب بعضهم إلى أن لهذه
الحروف دلالات غيبية بعضها يتعلق بالمستقبل وبعضها يتعلق بإعجاز القرآن
وأساسهم في ذلك إشارة مطلع سورة الروم إلى غلبة الروم كما مر ذكره أعلاه..
ويلاحظ أن الكتابات القديمة حول الحروف المقطعة والدراسات الرقمية حول
الفاظ القرآن الكريم كانت كلها باستخدام حساب الجمل ( أبجد هوز… بشكل عام)
وقد حظي الموضوع بإهتمام
المحدثين كذلك(11) . فعدد سور القرآن التي بدأت بها هذه الحروف يبلغ 29
سورة وهو عدد حروف اللغة العربية وعدد الحروف المفردة في السور التي بدأت
بها يبلغ 78 وهو عدد حروف أول خمس آيات أنزلت من القرآن الكريم ” إقرأ
باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . إقرأ وربك الأكرم . الذي علم
بالقلم . علم الإنسان ما لم يعلم ”
وأشار أخرون (16)الى أن
السورتين (ق والشورى اللتين تبتدئان بالحرف ق من الحروف المقطعة تحوي كل
منهما الحرف ق 57 مرة (وهو يساوي 19 مضروبا في 3 ) وكذلك سورة الشورى (
التي تبتدئ بـ حم عسق ) تحويه 57 مرة وحيث أن سورة الشورى تزيد في الطول عن
سورة ق بأكثر من الضعف يبدو بوضوح تفوق الحرف ق في سورة ق على كل سور
القرآن . كما أن مجموع حرف القاف في السورتين يساوي 114 وهو عدد سور
القرآن . كما أن سورة القلم متفوقة في حرف النون بالأخذ بالإعتبار أن كل
السور التي تبتدئ بنفس الحروف يجب أخذها مجتمعة . وهكذا يجد المؤلف الذي
استعمل الحاسب الإلكتروني في هذا الموضوع لأول مرة الكثير من العلاقات خاصة
فيما يتعلق بالسور التي تبتدئ بالحروف المقطعة.
أما سورتا ص والأعراف
فمتفوقتان بالحرف ص ( لأن بداية الأولى ص والثانية آلمص) على جميع السور
بشرط أن تحسبا سوية وهاتان السورتين كان نزولهما متعاقبا . وكذلك تعامل
السور التي تحوي البداية نفسها سوية (16)
5-ظواهر رقمية أخرى:
اهتم كاتب آخر (20)
بإظهار الإعجاز الرقمي للقرآن من خلال ترتيب سوره حيث قسمها إلى سور زوجية
الترتيب وسور فردية الترتيب في المصحف ثم عاد فقسمها إلى سور عدد آياتها
زوجية وسور عدد آياتها فردية ثم حاول من خلال إيجاد علاقات رياضية أن يثبت
أن ترتيب السور وتقسيمها إلى عدد من الآيات كما مثبت في المصاحف المتداولة
اليوم يحوي على إعجاز عددي وقد دافع عن هذه العلاقات رغم وجود اختلافات
بين القراء في تحديد عدد آيات كثير من السور.
فقد وجد أن السور الزوجية
الترتيب في النصف الأول من القرآن 28 سورة وفي النصف الثاني 29 سورة
والسور الفردية الترتيب بالعكس أي 27 في النصف الأول من القرآن و28 في
النصف الثاني .
وهو بذلك يحاول أن يعود
فيقول بما أن كل هذه الظواهر موجودة في أرقام الآيات وأعدادها في السور
لذلك فإن عدد آيات السور في المصاحف الموجود في المشرق من البلاد الإسلامية
( بقرآءة حفص عن عاصم ) هي الصحيحة وما عداها غير صحيح متناسيا أن أعداد
الآيات في المصاحف الموجودة في المغرب العربي ( بقرآءة ورش عن عاصم )
مختلفة في أعداد الآيات وهو بذلك يظن بأنه يستطيع جمع الأمة حول تحديد
أعداد الآيات في السور بهذا النسق من الحساب.
6-الطرق الإحصائية العلمية وظاهرة الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم:
إن من المعروف لدى
العاملين في حقل الإحصاء أن الكثير من الظواهر تتوزع بشكل إحصائي يعرف
بالتوزيع الطبيعي أي أن يكون هناك تركيز للظاهرة في موضوع معين وتقل كلما
كان هناك ابتعاد عن هذا الموقع وإذا لم يكن هناك توزيع طبيعي فهناك توزيع
من نسق معين .
إن الكثير ممن قام
بدراسات الظواهر الرقمية في القرآن الكريم غير متخصصين بالإحصاء وليس لديهم
فكرة عن التوزيع الإحصائي .لذلك فهم قد وجدوا بعض الظواهر وحاولوا منها
أن يثبتوا الإعجاز بينما الظواهر القرآنية قد تعني جمالا وتناسقا
والجمال من صفات القرآن دون اختلاف .
لقد وجد بعض الباحثين
ظواهر متفرقة قد تعني إشارات رقمية ذات إعجاز حقيقي . إلا إنهم قاموا
بمحاولة تعميم تلك الظواهر فوجدوها أقل انطباقا مما حدى بهم إلى تبرير ذلك
بأسباب أقل وضوحا مما أظفى مقدارا من التكلف على أبحاثهم .
إن من يعرف الإحصاء بشكل
دقيق قد يتقدم فيشكك في أسس عمل أمثال هؤلاء الحريصين على إثبات الإعجاز
فينتهي الموضوع من أساسه وتضيع الإشارات والومضات الحقيقية من الإعجاز
الذي لا يمكن دحضه بأساليب إحصائية . هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد تصدى
لمحاربة ظاهرة الإعجازالرقمي في القرآن بعض العلماء على أساس أنه ليس هناك
تقديس للأرقام في الإسلام مما أدى إلى التشكيك والتبديع والتفسيق بل
والتكفير أحيانا لبعض من عمل في حقل الإعجاز الرقمي في القرآن .
ولنأخذ مثالا على ذلك
فيما يخص العدد 19 ومضاعفاته ،فهي تشكل حوالي 5% من كل الأعداد الصحيحة
المعروفة ( 5 من كل مائة تساوي تقريبا 1/19) . لذلك يتوقع إحصائيا أن يكون
بين كل مائة سورة مثلا هناك 5 سور عدد آياتها يقبل القسمة على 19 (من
ناحية نظرية الإحتمالات). أما إذا زاد عدد السور التي يقبل عدد آياتها
القسمة على 19 عن 5% بمقدار محسوس (كأن يبلغ 20% مثلا) فعند ذلك يمكن القول
أن العدد 19 متفوق . أم أن يكون هناك سورتان فقط من بين 114 سورة يقبل عدد
آياتها القسمة على 19 فلا يمكن بأي حال من الأحوال الإدعاء بتفوق العدد 19
(بل وربما يمكن أن يدعى بأنه رقم مغمور وليس متفوقا) .
ولقد اتخذ من الرقم 19 الذي هو رقم مقدس عند البهائيين أساسا للهجوم على كل من ذكر ظواهر تتعلق بهذا الرقم بالقرآن
كما أن حساب الجمل الذي أشرنا له فيما سبق لم يسلم من الهجوم أيضا.
7-استخدام الحساب من آيات قرآنية في التنبؤ بأحداث قادمة :
إشارت الآيات من مطلع
سورة الروم إلى غلبة الروم على الفرس في بضع سنين وقد تحقق ذلك فعلا في زمن
الرسول صلى الله عليه وسلم وفرح المؤمنون بنصر الله وتحققت نبوأة القرآن
الكريم حيث كان وصول خبر ذلك الإنتصار يوم انتصار المسلمين في معركة بدر
ففرح المؤمنون بنصر الله يومئذ.
وقد علمت أن للإمام
النورسي كتابات تشير إلى تفاؤله نتيجة توافق بعض الأرقام وإستنباطه أمورا
مستقبلية من هذا التوافق فيما يخصه أو يخص جماعة النور ولكن لم أستطع
الأطلاع عليها كونها باللغة التركية ولم تترجم إلى العربية.
وقد أشرنا فيما سبق الى
أن بعضا من العلماء فيما سبق قد أشار الى أمور مستقبلية مستنبطا إياها من
حسابات تتعلق بفواتح السور المقطعة .ومن بين المؤلفين المحدثين من أشار الى
شيئ من ذلك منها حسابات للجمل لبعض آيات من القرآن الكريم تشير الى عام
1974 مدعين أن ذلك يشير الى أنه أول عام انتشر فيه الإعجاز الرقمي للقرآن
على أنه عام مشار إليه في القرآن الكريم وقام آخرون بالتنبؤ بزوال دولة
اليهود في 2022 في حسابات أخرى.
إن كافة الحسابات
والأقاويل في هذا المجال هي أمور ظنية نرجو أن لا يكون هناك إثم على من
توقف عندها ولا على من صدقها وهي لا تدخل في أمور العقيدة ولا ينبغي أن تجر
الى جدل ولا ينبغي الإتكال عليها في عمل . أما التفاؤل بتوافق بعض الأمور
فهي من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم فكان يعجبه الفأل الحسن فقد ورد أنه
تفاءل عندما عرف أن سهيل بن عمرو قدم للتفاوض في صلح الحديبية ( كون إسمه
سهيل) . ولا مانع من أن يتفاءل المسلم بتوافق عدد ما أو إسم ما أو حدث ما
فذلك متفق مع السنة النبوية. فإن تحقق الخير فبها ونعمت وإلا فالأمر بيد
الله وليس في ذلك من ضير.
8-الخلاصة:
من مجمل ما قدمنا حول المحاولات في مجال الإعجاز العددي في القرآن الكريم ، نخلص إلى جملة أمور منها:
1 ) الإشارات الرقمية في
القرآن الكريم باب مفتوح للبحث وقد يجد في كل باحث ما يوافق ذوقه أو أمنيته
وقد يستنتج بعض التوافقات والظواهر وقد يراها ظاهرة فريدة وقد يقنع بها
غيره . وكل ذلك مفتوح الا أنه يجب أن يعتبر ذلك من المسائل الظنية ولا تنسم
بصفة القطع بأي حال من الأحوال ما لم تكن معززة بنتائج مستندة الى قواعد
رياضية وإحصائية رصينة .
2 ) الرجوع إلى الرسم العثماني ضروري عند أخذ أعداد الحروف والكلمات القرآنية بنظر الإعتبار.
3 ) أن يكون المستند
لدعوى الإعجاز متواترا لا خلاف فيه .فلا يجوز الإستناد الى أمور مختلف فيها
مثل عدد آيات بعض السور. فالبسملة إختلف فيها هل هي آية من كل سورة أم من
الفاتحة فقط أم هي بعض سورة من سورة النمل فحسب. وهذا الإختلاف ليس ثانويا
بين من اهتم بأعداد الآيات من العلماء بل هو اختلاف بين أئمة الفقه ( كأبي
حنيفة والشافعي رضي الله عنهما) وهو خلاف يعتد به مما يعني أن عدد آيات
السور أمر مختلف فيه وليس متواترا واختيار تعداد معين لأعداد الآيات جائز
ولكن لا يعطي أية دلالة إعجاز إذا كان العدد مختلفا فيه.
إن كل الدراسات يجب أن
تستند إلى التواتر . كما أن القراءات القرآنية المتواترة يجب أخذها بنظر
الإعتبار . فالتفوق العددي وفق قراءة لا يعطي مدلولا لدى من يقرأ بقراءة
أخرى كما أنه لا يعطي دليلا بأن تلك القراءة وحدها صحيحة وغيرها غير صحيح.
4-من مجمل موضوع الدراسات
العددية المتعلقة بالقرآن الكريم يتأكد وجود إعجاز رقمي في القرآن وإن ما
يقدمه باحث واحد من قليل من الحقائق قد يضاف إلى ما يقدمه غيره فتتكون
ثروة في هذا المجال على مر السنين . لذلك فالموضوع لا يزال حديث النشأة
ويحتاج إلى المزيد من البحث والتقصي وقد يستغرق سنوات طويلة قبل أن ينضج
ويؤتي أكله بشكل راسخ .
5-إن كل بحث لإثبات إعجاز
رقمي يتعلق بعدد معين يجب مقارنته بأرقام أخرى قريبة من مستواه . فعند بذل
جهد لإثبات أن الرقم 7 متفوق يجب أن تتم محاولات مشابهة للرقمين 6 و 8
القريبين منه. ثم بعد ذلك يتقرر إن كان الرقم 7 متفوقا بشكل ملموس على كل
من الرقمين المحيطين به أم لا . وعند ذلك فقط يكون إستنتاج الإعجاز في رقم
معين راسخا.
6- إن النهج الذي سار
عليه الإمام النورسي في الوصول إلى إثبات الإعجاز من خلال الجمال البياني
للقرآن بالإستناد إلى الأعداد التقريبية يبدو أسلم الطرق في هذا المجال
بالوقت الحاضر وهو يخاطب الشعور والضمير كما يخاطب العقل.
7- الحسابات في معرفة الحوادث المستقبلية أمور ظنية ولا تدخل في امور العقيدة ونرجو أن لا يكون هناك ضير في تصديقها أو إنكارها
9-المصادر:
1- إتقان البرهان في علوم القرآن فضل حسن عباس/ دار الفرقان 1997 الجزء الأول
2-كيف نتعامل مع القرآن – عمر عبيد حسنة- مدارسة مع الشيخ محمد الغزالي – المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1991 فيرجينيا
3- الإتقان في علوم القرآن للسيوطي 1/151
4- هذا القرآن في مائة حديث نبوي : محمدزكي محمد خضر /الطبعة الثانية 1408/1987 صفحة 8
5- إعجاز النظام القرآني – اللواء أحمد عبد الوهاب – مكتبة غريب 1980
6-رسائل النور :المكتوبات الجزء الثاني صفحة 247
7-رسائل النور : اللمعات الجزء الثالث صفحة 416 و 421
8-اسرار التكرار في القرآن الكريم للكرماني
9-رسائل النور : المكتوبات: القسم الثالث من المكتوب التاسع والعشرين صفحة522-527
10- الإعجاز العددي للقرآن الكريم : عبدالرزاق نوفل 1975
11- معجزة الأرقام والترقيم في القرآن الكريم – عبدالرزاق نوفل – دار الكتاب العربي 1982
12-المعجزة ـ كشف إعجازي جديد في القرآن- المهندس عدنان الرفاعي -سوريا
13-رسائل النور : الملاحق – الجزء 7 صفحة 76-77
14-أسرار الحروف والآيات في رسالة القرآن العجيب : عاطف محمد عزايزة – مطبعة الهدى – كفرمندا (الجليل)
15-معجزة القرن العشرين في كشف سباعية وثلاثية القرآن الكريم / إبن خليفة عليوي / دار الأيمان الطبعة الأولى 1403-1983 دمشق
16الإعجاز الرقمي في القرآن محمد رشاد خليفة – 1976
17-الجامع لأحكام القرآن للقرطبي دار الحديث 1414/1994:الجزء الأول صفحة 172
18- تفسير القرآن العظيم للحافظ إبن كثير الدمشقي _ دار الجيل – بيروت :الجزء الأول صفحة 37
19- فتح الباري في شرح صحيح البخاري – إبن حجر العسقلاني : الجزء 11 صفحة 352
20-أسرار ترتيب القرآن – عبدالله جلغوم – دار الفكر للنشر والتوزيع – الزرقاء 1994
نديم ، الحب ، برنامج ، تحميل ، دليل ، مسلسل ، انشوده ، جديد ، كامل
المنتديات للبيع : للتواصل واتساب
967772204567+