نحن ناجحون فقط في غرفة النوم
الحياة اللندنية
GMT 23:15:00 2011 السبت 22 يناير
جهاد الخازن
كتبت غير مرة في هذه الزاوية أن رونالد ريغان كان خَرِفاً، أو أصيب بمرض فقدان الذاكرة (الزهايمر) وهو في الحكم في الثمانينات، وأن عصابة إسرائيل، أو المحافظين الجدد، أو اليمين المتطرف، سمّوهم ما شئتم، حكموا باسمه. هم حكموا أيضاً باسم جورج بوش الابن الذي لم يصب بالزهايمر لأنه لم يتعلم شيئاً حتى ينساه، ودمّروا قوة أميركا الاقتصادية وفضحوها عسكرياً، وقتلوا 1.3 مليون مسلم حتى الآن.
الشهر المقبل يُحتفل في الولايات المتحدة بمرور مئة سنة على ولادة رونالد ريغان، الرئيس الأربعين، وابنه رون، وهو مذيع ليبرالي، ألّف كتاباً في المناسبة يعترف فيه بإصابة والده بأعراض الزهايمر وهو في البيت الأبيض، ويقدم أمثلة على ذلك، مثل مخاطبة الليدي ديانا بالقول «الليدي ديفيد». وقد رد عليه مايكل ريغان، وهو ابن بالتبني لريغان من زيجته الأولى، بإنكار إصابة الأب بالزهايمر، كما أنكرت الإصابة مكتبة ريغان الرئيسية، وقالت إنها حدثت بعد تركه البيت الأبيض.
أرجِّح أن أعرض كتاب ريغان الابن على القرّاء عندما يصدر وأقرأه، أما الآن فأقول إن عصابة الشر إياها تريد أن تأتي سارة بيلين رئيسة لأنها تجمع بين الزهايمر ريغان وجهل بوش، لتحكم باسمها وتقدِّم مصالح إسرائيل على كل مصلحة أخرى.
وأكمل بقصص أخرى قبل أن تضيع في الزحام:
- زحمة يا دنيا زحمة، والأغنية القديمة كانت تتحدث عن الحبايب. أما أنا فأسجل أن عدد سكان العالم تجاوز أخيراً سبعة بلايين، منهم 4.157 بليون في آسيا، و1.030 بليون في أفريقيا، و739 مليوناً في أوروبا، و585 مليوناً في أميركا الجنوبية، و344 مليوناً في أميركا الشمالية.
العقد الجديد هو عقد الصين بامتياز، فهي منتشرة في العالم كله، من أفريقيا وحتى أميركا اللاتينية وبلادنا وكل مكان آخر، ولا بد أن تسبق الولايات المتحدة مع حلول 2020، أو 2030، على أبعد تقدير.
غير أن برونوين مادوكس رئيسة تحرير مجلة «بروسبكت» رشحت للصعود أيضاً أندونيسيا والبرازيل وتركيا، وفي أفريقيا جنوب أفريقيا ومصر، ولم تستبعد مفاجأة من المكسيك وإيران.
أين العرب من كل هذا؟ رغم الإشارة الى مصر، وهي إشارة اقتصادية في الأساس، أجد هناك 300 مليون عربي يسجلون أعلى نسبة زيادة سكان في العالم باستمرار، وأجد أن هناك 300 مليون مراهق و «عدّي رجالك عدّي، الأقرع والمصدّي».
- أكمل على سبيل الموضوعية، بإيجابية عربية نادرة، هي أن بلادنا من أكثر المناطق السياحية شعبية حول العالم، إن لم تكن أكثرها شعبية.
وأكتب وقد تجمعت لي في الأيام الأخيرة فقط، ومن دون طلب، مجموعة كبيرة من الأخبار والتحقيقات عن السياحة في البلدان العربية. ووجدت لمصر، مرة أخرى، حصة الأسد، وأمامي مواضيع كثيرة عنها، منها واحد عنوانه: من هذا (صورة الأهرام) الى هذا (بحر شرم الشيخ والغردقة)، وعن بناء نموذج لقبر توت عنخ آمون يزوره السياح لأن الإقبال على القبر يهدد ذلك الأثر القديم النادر. بل إن كاتباً إنكليزياً حكى كيف نصبت عليه امرأة في أسوان. وكانت هناك صفحة كاملة في «الفاينانشال تايمز» عُرِضت فيها ثلاثة كتب عن مصر آثاراً وسياحة، وتحقيق في صفحتين عن رحلات في النيل.
البلدان العربية الأخرى كان لها نصيب وقرأت عرضاً موسعاً لشركات السياحة التي لها برامج لأخذ الراغبين الى مراكش وجبال أطلس، وبعد ذلك عرضاً مماثلاً للسياحة في الأردن وبترا تحديداً. كذلك قرأت تحقيقاً في صفحتين عنوانه «إذا كنت جننت بمراكش فقد حان الوقت لزيارة دمشق»، والتحقيق كله غزل بسحر الآثار في دمشق وحولها وأسواق العاصمة السورية، والفنادق الجديدة الصغيرة فيها. أما أوسع تحقيق قرأته فكان عن «عُمان الأخرى» وكاتبته تأخذ السائح الى جبال عُمان بدل البحر في ثلاث صفحات من القطع الكبير مزدانة بالصور.
- اليابانيون فقدوا رغبتهم في الجنس، وقد أظهر استطلاع أن 36.1 في المئة من المراهقين اليابانيين بين 16 و19 سنة اعترفوا بأنهم غير مهتمين بالجنس، بل إن بعضهم قال إنه يحتقره. والرقم الجديد يمثل حوالى ضعفي الذين أبدوا تعففاً عن الجنس في استطلاع مماثل قبل سنتين.
اليابان من البلدان القليلة في العالم حيث ينقص عدد السكان ولا يزيد، والحكومة والهيئات ذات العلاقة تبدي قلقاً على المستقبل. وعندي رأي هو أن يأتي اليابانيون الى بلادنا لحل مشكلتهم، فنحن ناجحون فقط في غرفة النوم ولا أزيد.
- في المقابل، الفشل بحجم جَمَل أو جبل في بلادنا، وأبرز مظاهره أننا أمة لا تقرأ، وعندي مثل.
أفضل الكتب العربية مبيعاً قد يسجل أرقاماً بين خمسة آلاف نسخة وعشرة آلاف، وثمة كتب تجاوزت هذين الرقمين، إلا أنها الشذوذ على قاعدة عدم القراءة.
في المقابل ثلاثية الكاتب السويدي ستيغ لارسن الذي توفي أخيراً «الفتاة ذات وشم التنين» و «الفتاة التي لعبت بالنار» و «الفتاة التي ركلت وكر الدبابير»، زادت مبيعاتها بالإنكليزية فقط منذ تُرجمت سنة 2008 على مليون نسخة، أي ما يزيد على كل ما طبع العرب في الفترة نفسها.
ليس عندنا سوى الفشل للتسجيل بالمليون.