على هامش خليجي عشرين
د.عبدالعزيز المقالح
من الرائع والجميل أن تصْدر عن بلادنا أنباء سارة بعد شهور من الأنباء المثيرة للقلق والانزعاج ، تلك التي ساعدت بعض وسائل الإعلام العربي والعالمي على تضخيمها لأسباب غير مفهومة . وتأتي هذه الأخبار السارة بفضل التظاهرة الرياضية (خليجي عشرين).
واعترف أنني لم أكن من المحبذين لإقامة هذه التظاهرة الرياضية الكبيرة في بلادنا لمجموعة اعتبارات أهمها التكلفة المالية الباهظة التي تفوق طاقة اليمن الاقتصادية ، ومع ذلك فقد بدأت أتفهم الهدف من وراء إقامتها، وفي هذه الظروف خاصة، فقد تكالبت قوى الشر على هذا البلد وكادت تنجح في تركيز الأنظار إليه كبؤرة للإرهاب، وما يترتب على هذه التهمة الكبيرة من نفور المستثمرين، وتقطيع أواصر اليمنيين بأقرب الناس إليهم وهم الأشقاء الذين يقتضي واجب الأخوة وواجب العقيدة وواجب العروبة أن تكون العلاقة معهم وبهم -وهم الأهل والجيران- في أعلى المستويات وأرقاها بعيداً عن تخرّصات القوى المعادية للجميع وما تنسجه دوائرها من أحابيل لكي يظل العربي عدواً لأخيه العربي، ولكي يبقى العداء مستحكماً بين الأقطار العربية حتى لا تفقد تلك القوى المعادية مصالحها التي تراها مؤقتة ومحكومة بوجود حالة دائمة من الانشقاق والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة .
والغريب والمثير للاستفزاز أن هذه القوى تفترض دوام مصالحها بدوام حالة التنافر والتضاد بين أبناء الأمة الواحدة. في حين أن المصالح الحقيقية المشتركة، تقتضي وجود حالة من الوئام والتضامن.
والسبب في هذا الموقف الشاذ والغريب أكثر من واضح، ويعود إلى أن مصالح هذه القوى غير مشروعة وتقوم في الأساس على حماية الوجود الصهيوني في المنطقة أكثر من كونها تتم لرعاية ما تدعيه من مصالح . وعلى الرغم من أن حقائق الواقع المعاصر قد تغيرت في هذا الكون، وحدث ما لم يكن في الحسبان بعد السقوط الكارثي للقطب المنافس للغرب الرأسمالي، الذي كان يخاف أن يقع الوطن العربي في قبضة ذلك القطب المنافس ، فإن النظرة العدوانية إلى الوطن العربي لم تتغير، بل تحول الخوف عليه من الآخر إلى خوف منه . وتم اختراع صورة جديدة له بوصفه منطقة مريبة ومصدرة للإرهاب! ومع أن الوطن العربي هو من يطاله الإرهاب ويقع عليه الاحتلال.
وفي هذا المناخ المحلي والعربي -كما يبدو لي- تمت الدعوة إلى إقامة هذه التظاهرة الرياضية الكبيرة للفت أنظار العالم المفتون بالألعاب إلى أن هذه المنطقة تعيش حالة من الوئام والإخاء وإلى أن بلادنا مهتمة بهذا الجانب من الأنشطة ومعنية بأن تكون على أرضها فعاليات من هذا النوع إضافة إلى إثبات أن اليمن الذي يشهد بين حين وآخر حالات حادة من الاختلافات السياسية التي تصل في بعض الأحيان إلى حالة من المواجهات ما يزال قادراً على إقامة مثل هذه الفعاليات في جو من الأمان والانضباط، وأنه ليس البلد الوحيد الذي تحدث على أرضه بعض الخروقات الأمنية . وأن الغالبية العظمى من مواطنيه يناضلون في سبيل الاستقرار ويبحثون -منذ قيام الثورة التي حررتهم من الاحتلال والاستعباد- عن الدولة المدنية الحديثة القائمة على المواطنة المتساوية، وعلى النظام والقانون واحترام حرية المواطن وكرامته وحقوقه .
ومن حسن الحظ، أن العقلاء في هذا البلد وهم كثر، يفرقون دائماً بين الاختلاف مع النظام في كثير من القضايا والاتفاق معه أو بعبارة أدق التعاون معه في التصدي لأي اختلال أمني تشكل نتائجه السيئة خطراً على الجميع، وتعمل على إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني، وما ينتج عن ذلك من تدهور مخيف في معيشة المواطنين (حياتهم، وأمنهم، واستقرارهم)، ولعل الإعلام العربي والعالمي سوف يدرك ذلك جيداً، فقد تمادى منذ فترة غير قصيرة في تضخيم الأحداث والانسياق وراء من يشبون النار خدمة لمصالحهم الآنية، أقول لعله يعطي هذه التظاهرة الرياضية التي تجمع هذا العدد الهائل من أبناء الجزيرة العربية والخليج ما تستحقه من الاهتمام ، فضلاً عن إلقاء الضوء على تاريخ عدن العاصمة الاقتصادية للوطن الموحد ودورها في التصدي للاحتلال البريطاني وعملائه . وكيف كانت موئل رواد الحرية ودعاة الوحدة كما كانت وستبقى عروس البحر والشعْر.
الدكتور أحمد الحملي في رحاب الله :
خيمت على القلوب فيما تبقى من أيام العيد سحابة حزن داكنة تعكس الأثر الذي تركه رحيل الدكتور أحمد الحملي الطبيب الإنسان الذي تولى الإشراف على برنامج "الصحة والمجتمع" ومؤلف مسلسل الفجر الذي نال إعجاب الملايين ، و مسلسل "سنوات الجمر" الذي تعثر إخراجه لأسباب غير مفهومة . لقد كان مسلسل الفجر أول عمل درامي يدخل بلادنا في هذا المجال بامتياز . وهو يضاف إلى كل الجهود التي بذلها الراحل العزيز الذي كان بسلوكه وتسامحه ومحبته للناس إنساناً نادر المثال.. تغمده الله بواسع الرحمة والغفران.
تأملات شعرية :
ما الذي يتبقى من الصادقين
إذا رحلوا
وطوى الموت أجسادَهم
تحت ليل الترابْ ؟
يتبقى الكثير .. الكثير
من المنجزات التي لا تكف
تضيء ضمير الحياة
وتورق في كل مطبوعةٍ
وكتاب