الطعام العلاجي
مثلت عملية انتاج الدواء باستخدام الكائنات الحية الدقيقة ، البكتريا ، والتي سميت التقنية الحيوية ( Biotechnology ) ، نقلة نوعية هامة جدا في عملية انتاج الدواء . وقد فتحت ابوابا هائلة لتطور عملية انتاج الدواء ، مفتتحة الامر بالانسولين ، احد اعظم الاختراعات في القرن الماضي ، ومن ثم الانترفيرون ، الخاص بالمناعة ، والايبوتين (Epotine) ، لانتاج خلايا الدم لدى مرضى الكلى ، والكثير الكثير من اللقاحات والادوية المناعية .
كانت هذه الخطوة الجبارة شمعة الامل التي اعطت العلماء افاق جديدة لانتاج الدواء. وقد بدأ العلماء بعد ذلك بالتفكير الجدي لاستخدام انواع حية اخرى لانتاج الدواء ، الا ان جهودهم هذه كانت تصطدم دائما بمشكلة تعقيد الخلايا في الكائنات الاكثر رقيا من البكتريا . الا ان ذلك لم يثني جهود العلماء الذي بدؤا بالفعل في تجارب عملية لانتاج الدواء باستخدام خلايا حية في الكائنات الراقية ، كالنباتات والحيوانات . لذلك فان المستقبل يبشر بخير في سبيل انتاج طعام علاجي ، يحتفظ بمحتوياته الغذائية بالاضافة الى المواد الدوائية الفعالة . ربما ياخذ البعض ان ذلك ربما سيكون له اثار اخرى تتعلق بالتغير الحاصل في جينات الكائنات الحية المنتجة للدواء ، والذي قد يعود بنتائج سلبية في المستقبل ، الا ان هذا الامر هو في قمة الاهمية الذي يضعه العلماء العاملون على هذه المشاريع في طرق عملهم .
وفي اطار هذه التقنية ، هناك العديد من التجارب الواعدة ، منها صنف جديد من الموز له القدرة على انتاج لقاحات مضادة لالتهابات الكبد الوبائى و الكوليرا ، و يرجع اختيار الموز لهذا الغرض لانه يؤكل نيئاً مما يمنع تفكيك مادة اللقاح ، كما انه يتمتع بطعم مستساغ مما يجعله الانسب لاحتضان اللقاح ، وقد اشارت الدراسات الى قرب انتاج مثل هذا اللقاح حيث تم الحصول على مؤشرات ايجابية في فئران التجارب. كما ان هناك تجارب اخرى تعمل على اضافة مضادات حيوية من اصول نباتية لمنظفات الاسنان لمحاربة التسوس . بالاضافة الى تجارب واعدة اخرى تعمل انتاج العديد من اللقاحات باستخدام الذرة ، ومنها لقاح الالتهاب الكبد الوبائي ، وكذلك استخدام نباتات التبغ والطماطم لانتاج مضادات فيروسية ، كمضاد فيروس سارس الذي مازال العمل جاريا عليه حاليا . ويرى بعض العلماء ان مستقبل انتاج الادوية سيكون معتمدا بشكل مباشر على الكائنات الحية ، حيث سيعمل العلماء على تكوين معامل حية لانتاج الدواء .
الفيروسات كنواقل الدواء
راود العديد من العلماء فكرة استخدام الكائنات الدقيقة كنواقل علاجية ، وقد رشح معظمهم الفيروسات لهذه المهمة ، لما تمتاز به من قدرة على اختراق الخلايا الحية ، من دون ان تعترضها الخلايا المناعية في كثير من الاحيان . وسيكون لمثل هذه التقنيات مستقبل باهر ، وخصوصا في علاج الامراض السرطانية ، بسبب الحاجة لقتل الخلايا السرطانية من دون الحاق الاذى بالخلايا السليمة ، والذي يعني انه سيقلل من الاثار الجانبية السيئة للادوية السرطانية . ويحاول العلماء الوصول الى ذلك عن طريق تدمير الخواص المسببة للمرض التي يحملها الفيروس ، والقدرات التكاثرية للفيروسات ، لمنع تكاثرها وتسببها بالمرض ، والاستفادة منها كناقل متميز فقط . بالاضافة الى اضافة بعض الخواص الجديدة التي تعمل على تسخير مثل هذه الفيروسات للوصول الى هدف محدد واحد ، وعدم الانتشار في غير اماكن الهدف المطلوبة .