انتهت بمقتل 8 أشخاص وجرح العشرات وسقوط مقار ومنشآت حكومية، وسط إدانات واسعة لهجوم الامنتفاصيل 6 ساعات من المعارك الضارية بين قوات صالح وحراسة منزل الشيخ الأحمر المصدر أونلاين - ياسر العرامي
انهار الوضع الأمني يوم أمس الاثنين في العاصمة صنعاء على نحو غير مسبوق
منذ اندلاع الثورة الشعبية الواسعة التي تجتاح البلاد وتطالب بتنحي صالح عن
السلطة.
ووقع هذا الانهيار بعد يوم واحد من رفض صالح التوقيع على المبادرة
الخليجية وتهديده باندلاع حرب أهلية، ليبدأ نشر مليشيا مسلحة موالية له
مهمتها قطع الطرقات الرئيسية وسط العاصمة صنعاء، وقيام قوى أمنية بنقل
كميات كبيرة من الأسلحة لتخزينها في مقرات حكومية قريبة من ساحة التغيير
ومنازل زعماء في المعارضـة في مشهد يوحي باستعدادات لتفجير الوضع عسكرياً.
وتجلت هذه الاستعدادات في الهجوم على منزل الشيخ صادق الأحمر زعيم قبيلة
حاشد الواقع في منطقة الحصبة شمال العاصمة صنعاء، الذي أعقبها اشتباكات
عنيفة مع رجال القبائل المسلحة الموالية للأحمر التي تتولى مهمة حراسة
المنزل.
المواجهات العنيفة التي اندلعت عند الساعة الواحدة ظهراً، حصدت 6 قتلى
وعشرات الجرحى في صفوف حراسة الشيخ الأحمر، بحسبما ذكرت مصادر آل الأحمر.
في حين تحدثت المصادر الرسمية عن مقتل جندي واحد وإصابة خمسة آخرين من جانب
القوات الموالية لصالح. وقال شهود عيان لـ"المصدر أونلاين" إن شخص على
الأقل من عمال النظافة كان بالقرب من المكان قتل أثناء الاشتباكات.
واستخدمت خلال المواجهات الأسلحة المتوسطة والثقيلة وقذائف الآر بي جي،
الأمر الذي أثار الخوف في أوساط السكان المجاوريــن، كما أدت الاشتباكات
التي استمرت لنحو 6 ساعات متواصلة إلى قطع الطرق المؤدية إلى المنطقة وشكلت
عقبة أمام وصول عدد كبير من سكان الحي إلى منازلهم عائدين من مقار
أعمالهم.
وقال ابراهيم محمد لـ"المصدر أونلاين" إنه عاش قلقاً حقيقياً على عائلته
التي تسكن في حي الحصبة وسط المكان الذي اندلعت فيه المعارك بينما كان هو
في مقر عمله بشارع الزبيري، مشيراً إلى أن قذيفة سقطت على سطح المنزل الذي
تسكن فيه عائلته، ما عزز الرعب في قلوب أسرته كغيرها أسر الحي واضطرها
الانتقال من الطابق الثالث إلى طابق سفلي تقطنه أسرة أخرى في البناية
ذاتها.
وقالت مصادر قريبة من الشيخ صادق الأحمر إن المواجهات اندلعت عندما حاولت
قوات أمنية ومسلحون موالون لصالح الانتشار حول منزل الشيخ الأحمر، كما
رصُدت قوى أمن وهي تنقل أسلحة إلى مبنى مدرسة الرماح المجاورة لمنزل الأحمر
ما دفع حراسة الأخير التصدي لهم والاستيلاء على تلك الأسلحة.
غير إن وكالة الأنباء الحكومية نقلت عن مسؤول بوزارة الداخلية قوله "إن
أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر قاموا بإطلاق النار والاعتداء على
مدرسة الرماح بحي الحصبة ومبنى وكالة الأنباء اليمنية سبأ" دون يوضح أية
أسباب دفعتهم لذلك. وحمل المصدر "أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر
مسؤولية كل ما يترتب على هذا الحادث من نتائج".
وامتدت المعارك إلى مقرات وزارات ومنشآت حكومية تقع في محيط ووسط حي
الحصبة، وقال شهود عيان لـ"المصدر أونلاين" إن قبائل حاشد سيطرت على مقر
وزارة التجارة والصناعة ووزارة الإدارة المحلية، كما فرضت حصاراً مشدداً
حول مبنى اللجنة الدائمة (المقر الرئيسي) للحزب الحاكم، وأغلقت بوابته
بالسلاسل. وطالت الاشتباكات مبنى شركة طيران السعيدة (طيران اليمنية
سابقاً) الذي شب فيه حريق هائل.
وتضاربت الأنباء حول سيطرة قبائل حاشد على مبنى وكالة الأنباء اليمنية
سبأ، غير أن المعلومات تطابقت عن وقوع معارك ضارية هناك بعدما تحصنت قوات
من النجدة والحرس الجمهوري في المبنى وباشرت في إطلاق النار على قبائل حاشد
المسلحة ما جعل الأخيرة ترد عليها.
وأصيب الصحفي فاروق الكمالي الذي يعمل في إدارة الأخبار بالوكالة بشظية
اخترقت فخذه، غير أن حالته الصحية مستقرة. طبقاً لمصدر مقرب منه. في حين
حوصر 40 صحفياً داخل مقر الوكالة لعدة ساعات أثناء وقوع الاشتباك.
وحذرت نقابة الصحفيين اليمنيين من تعريض حياة صحفيي الوكالة للخطر. داعية
إلى عدم استخدام مبنى وكالة الأنباء اليمنية لإطلاق الرصاص منه أو
استهدافه.
ونجحت بالمساء وساطة قبلية وعسكرية شارك فيها الشيخ أحمد أبو حورية ورئيس
جهاز الأمن السياسي اللواء غالب القمش في إيقاف المعارك. ولم يتم التأكد ما
إذا كان مسلحو الأحمر قد انسحبوا من مقرات الوزارات الحكومية التي سيطروا
عليها أثناء الاشتباكات. إلا أن مصادر غير مؤكدة قالت لـ"المصدر أونلاين"
إن الشيخ صادق الأحمر رفض في سحب مسلحيه، مشترطاً تسليم تلك المقرات لجهة
محايدة وليس لنظام علي عبدالله صالح الذي يتهاوى أمام ثورة شعبية اندلعت
قبل نحو 4 أشهر.
وكان صادق الأحمر الذي يعد الشيخ القبلي الأقوى نفوذا في اليمن، دعا
الرئيس علي عبدالله صالح إلى التنحي وانضم إلى انتفاضة الشباب المطالبين
بإسقاط النظام ما افقد صالح دعما في غاية الأهمية لنظامه.
ونددت الأحزاب السياسية وتكتلات مختلفة بما وصفته "الاعتداء الآثم" على منزل الشيخ الأحمر.
وقال تكتل المشترك المعارض في بيان إنه يدين ويستنكر بشدة "تصرفات صالح
وسلطته الفاقدة للشرعية وآخرها جريمة الاعتداء السافرة على منزل الشيخ
الأحمر، مستخدماً قوات الحرس الجمهوري والأمن المركزي". وحمل صالح شخصياً
"مسئولية هذا التصعيد الذي يأتي بعد تهديداته العلنية المتكررة بالحرب جراء
ما وصل إليه من إفلاس سياسي وأخلاقي وافتضاح أمره أمام الرأي العام
الخارجي بصورة غير مسبوقة". حسبما قال البيان.
وأكد "إن الثورة الشعبية لشباب اليمن ستظل سلمية مهما حاول الرئيس علي
صالح وحاشيته دفع الآخرين إلى العنف رداً على تصعيده العسكري وآخره الهجوم
السافر على منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر بصنعاء ومحاولة اقتحامه
الاثنين".
واعتبر المشترك ما يقوم به صالح "دليلاً واضحاً على سلوكه الإجرامي المشين
والخطير ومحاولاته الفاشلة للزج بالبلاد في أتون حرب أهلية يخطط لها بعد
انكشافه أمام العالم وإساءته لليمن وشعبها العظيم بتصرفاته الرعناء ومنها
محاصرة مسلحيه للوسطاء الخليجيين والأمريكان والأوروبيين في سفارة الإمارات
العربية المتحدة في صنعاء بصورة تتناقض مع الأعراف الدبلوماسية والتقاليد
القبلية".
ودان التجمع اليمني للإصلاح في بيان مستقل "العدوان الهمجي على منزل الشيخ
الأحمر". محذراً من أسماهم "بقايا صالح من التمادي في ممارسة الأعمال
الإجرامية".
وانضم إلى المنددين بـ"الاعتداء على منزل الأحمر"، اللجنة التحضيرية
للحوار الوطني التي حملت صالح مسؤولية التصعيد العسكري، واعتبرت "استهداف
منزل الأحمر جريمة اعتداء سافر"، والائتلاف البرلماني من أجل التغيير الذي
ندد بـ"العدوان الغاشم على منزل المناضل الجمهوري الثائر الشيخ عبدالله
الأحمر" وحذر "الأيادي الطائشة من اللعب بالنار".
ودان ملتقى مأرب ما وصفه بـ"الاعتداء السخيف على منزل الشيخ الأحمر"
واعتبره اعتداء ضد قبائل اليمن أجمع، محذراً صالح من محاولة تفجير الموقف،
فيما اعتبره ملتقى أبناء صعدة "محاولة بائسة من صالح لإجهاض الثورة
السلمية"، وحمل ملتقى أبناء المناطق الوسطى صالح "تبعات هذا "التصعيد
الخطير".
وقال الشيخ أمين العكيمي "إن الاعتداء الآثم على منزل رمز اليمن الشيخ
الأحمر يعد إعلان حرب على كل القبائل اليمنية". وقالت هيئة علماء اليمن إن
هذا "مؤشر خطير لجر البلاد إلى العنف والقتال".
وبدوره، دان تكتل العدالة والبناء الذي يرأسه القيادي السابق في الحزب
الحاكم محمد أبو لحوم اعتداء السلطة على منزل الشيخ الأحمر. فيما استنكرت
قبائل المقادشة "الاعتداء الغاشم" واعتبرته "استهدافاً لكل مشائخ اليمن".
واعتبر شباب الثورة بمحافظة عمران "الاعتداء دفعاً للثورة السلمية نحو
العنف" محملين صالح عواقب جرائمه. بينما حملت اللجنة التنظيمية للثورة
الشبابية الشعبية علي صالح مسؤولية التصعيد العسكري، وأكدت على سلمية
الثورة.
ويعقد صباح اليوم الثلاثاء مشائخ اليمن اجتماعاً بمنزل الشيخ الأحمر في
الحصبة بصنعاء للوقوف أمام "الاعتداء الغاشم" الذي تعرض له المنزل. بحسب ما
أفادت مصادر قريبة.